وَخطأ المخطىء لَيْسَ من ضعف أصُول الصِّنَاعَة وَلَكِن من ضعف النَّاظر فِيهَا أَو لِأَنَّهُ يروم من الصِّنَاعَة أَكثر مِمَّا فِيهَا فَيحمل عَلَيْهَا زِيَادَة على الْمَوْضُوع مِنْهَا وَرُبمَا فَاتَتْهُ هَذِه الْأَسْبَاب ونظائرها من الدَّلَائِل الطبيعية. وَلَيْسَ من شَأْن النَّفس أَن تعْمل عملا بِغَيْر دَاع إِلَيْهِ وَلَا سَبَب لَهُ فَيصير كالعبث فَإِذا سنح لَهُ أَمْرَانِ وَلم يرجح أَحدهمَا على الآخر طلب لنَفسِهِ حجَّة فِي ركُوب أَحدهمَا دون الآخر فيستريح حِينَئِذٍ إِلَى الْأَسْبَاب الضعيفة ويتمحل الْعِلَل الْبَعِيدَة بِقدر مَا يتَرَجَّح أحد الرأيين المتكافئين فِي نَفسه على الآخر حَتَّى يصل إِلَيْهِ وَيَأْخُذ بِهِ. وسبيل الرجل الْفَاضِل أَن يكون حسن الظَّن قويم الرَّجَاء جميل النِّيَّة فيتفاءل حِينَئِذٍ. والفأل قد يكون بِأَصْوَات بسيطة لَيْسَ فِيهَا أثر النُّطْق وَلَكِن أَكْثَره بالْكلَام الْمَفْهُوم. وَقد يكون بِصُورَة مَقْبُولَة وأشكال مستحسنة وَلَكِن معظمه فِي خلق الْإِنْسَان. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا أبردتم إِلَى بريداً فَاجْعَلُوهُ حسن الإسم حسن الْوَجْه) . فَأَما أَصْحَاب الطيره فلأنهم أضداد لأَصْحَاب البيات الجميلة والرجاء الْحسن فطريقهم مَكْرُوهَة وتطيرهم من الْأُمُور أَكثر وأنواع دلائلهم أغزر وأبسط وَذَلِكَ أَنهم يَأْخُذُونَ بَعْضهَا من الخيلان فِي النَّاس