مقلوباً فشيء يأباه الْعقل وترده البديهة ويسير التَّأَمُّل يَكْفِي فِي جَوَاب هَذِه الْمَسْأَلَة.
(مَسْأَلَة وَلم إِذا كَانَ أَبُو الْإِنْسَان مَذْكُورا بِمَا أسلفنا نَعته وَبِغَيْرِهِ من الدّين والورع)
- وَجب أَن يكون وَلَده وَولد وَلَده يسْحَبُونَ الذيل ويختالون فِي العطاف ويزدرون النَّاس ويرون من أنفسهم أَنهم قد خولوا الْملك ويعتقدون أَن خدمتك لَهُم فَرِيضَة ونجاتك بهم مُتَعَلقَة مَا هَذِه الْفِتْنَة والآفة وَمَا أَصْلهَا وَهل كَانَ فِي سالف الدَّهْر وَفِيمَا مضى من الزَّمَان من الْأُمَم الْمَعْرُوفَة هَذَا الْفَنّ. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: قد ذكرنَا فِي جَوَاب الْمَسْأَلَة الأولى مَا يُنَبه على جَوَاب هَذِه التالية فَإِن الْمَعْلُول إِنَّمَا يشرف بشرف علته فَإِن كَانَ ذَلِك الشّرف دينا وعلته الْهَيْئَة حصل للعرق الساري من الافتخار بِهِ مَا لَا يحصل لغيره وَلَكِن إِلَى حد مَفْرُوض وَمِقْدَار مَعْلُوم فَأَما الغلو فِيهِ إِلَى أَن يعْتَقد أَنهم كَمَا حكيت عَنْهُم فَهُوَ كَسَائِر الإفراطات الَّتِي عددناها فِيمَا تقدم. وَأما قَوْلك: هَل كَانَ فِي سالف الدَّهْر شَيْء من هَذَا الْفَنّ فلعمري لقد كَانَ ذَلِك فِي كل أمة وكل زمَان. وَلم تزل النجابة على الْأَكْثَر سَارِيَة فِي الْأَوْلَاد ومتوقعة فِي الْعُرُوق حَتَّى إِن الْملك يبْقى فِي الْبَيْت الْوَاحِد زَمَانا طَويلا لَا يرتضى النَّاس إِلَّا بهم وَلَا ينقادون إِلَّا لَهُم. وَذَلِكَ فِي جَمِيع الْأُمَم من الْفرس وَالروم والهند وَسَائِر أَجنَاس النَّاس. وَكَذَلِكَ الْعرق اللَّئِيم وَالْأَصْل الْفَاسِد يهجي بِهِ الْأَوْلَاد وينتظر مِنْهُم