الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: يحْتَاج الدِّمَاغ إِلَى اعْتِدَال فِي الْكَيْفِيَّة والكمية فَإِن حصل لَهُ احدهما لم يغن عَن الآخر فَإِن كَانَ جوهره جيدا فِي الْكَيْفِيَّة وَكَانَت كميته نَاقِصَة فَهُوَ - لَا محَالة - ردىء وَإِن كَانَت كميته كَثِيرَة فَلَيْسَ هُوَ - لَا محَالة - رديئاً فقد يكون كثيرا وجيد الْجَوْهَر إِلَّا أَنه يجب أَن يكون مناسباً لحرارة الْقلب ليحصل بَين برد هَذَا ورطوبته وحرارة ذَلِك ويبوسته - الِاعْتِدَال المحبوب الْمَحْمُود. وَمَتى حصل على الْخُرُوج من هَذَا الِاعْتِدَال تبعه من الرداءة قسطه ونصيبه إِلَّا أَن التَّفَاضُل بَين أَنْوَاع الْخُرُوج من الِاعْتِدَال كثير وَلِأَن يكون جيدا وَكَثِيرًا زَائِدا على قدر الْحَاجة خير من ان يكون جيدا وناقصاً عَن قدر الْحَاجة فَإِن جمع رداءة الْكَيْفِيَّة والكمية كَانَ صَاحبه معتوهاً
(مَسْأَلَة لم اعْتقد النَّاس فِي الكوسج أَنه خَبِيث وداهية)
وَكَذَلِكَ فِي الْقصير وَلم يعتقدوا الْعقل والحصافة فِيمَن كَانَ طَوِيل اللِّحْيَة كثيف الشّعْر مديد الْقَامَة جميل الإمة وَلم رَأَوْا خفَّة العارضين من السَّعَادَة؟