وَإِنَّمَا حرص النَّاس وَأهل الْفضل وحرص لَهُم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام بِمَا وضعوه لَهُم من السّنَن والشرائع لتحدث بَينهم الْمُوَافقَة والمناسبة الَّتِي هِيَ سَبَب المحبات وأصل المودات ليتشاركوا فِي الْخيرَات ولتحصل لَهُم صُورَة التأحد الَّذِي هُوَ سَبَب كل فَضِيلَة ولأجله تمّ الِاجْتِمَاع فِي المدنية الَّذِي هُوَ سَبَب حسن الْحَال فِي الْعَيْش والاستمتاع بِالْحَيَاةِ والخيرات الْمَطْلُوبَة فِي الدُّنْيَا.
(مَسْأَلَة مَا ملتمس النَّفس فِي هَذَا الْعَالم)
وَهل لَهَا ملتمس وبغية وَإِن وسمت بِهَذِهِ الْمعَانِي خرجت من أَن تكون علية الدرجَة خطيرة الْقدر لِأَن هَذَا عنوان الْحَاجة وبدء الْعَجز. وَلَوْلَا أَن يَتَّسِع النطاق لسألت: مَا نسبتها إِلَى الْإِنْسَان وَهل لَهَا بِهِ قوام أَو لَهُ بهَا قوام وَإِن كَانَ هَذَا فعلى أَي وَجه هُوَ وأوسع من هَذَا الفضاء حَدِيث الْإِنْسَان فَإِن الْإِنْسَان قد أشكل عَلَيْهِ الْإِنْسَان. ثمَّ حكيت حكايات لَيْسَ لَهَا غناء فِي الْمَسْأَلَة فلنشتغل بِالْجَوَابِ. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: لَوْلَا لَفْظَة الالتماس توهم غير الْمَعْنى الصَّحِيح فِي حَال النَّفس وَظُهُور آثارها فِي هَذَا الْعَالم لأطلقتها ورخصت فِيهَا لَك كَمَا أطلقها قوم وَلَكِنِّي رَأَيْت أَبَا بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الطَّبِيب وَغَيره مِمَّن كَانَ فِي