وَكَذَلِكَ أَيْضا - أبدا - تعْمل من المزاج الْمَخْصُوص بالأسد خلقَة الْأسد وَمن مزاج الأرنب خلقَة الأرنب وَأَن ذَلِك الْخلق يتبعهُ خلق خَاص - أبدا - بِمُوجب الطبيعة وَذَلِكَ أَن الْأسد لما كَانَ مزاج قلبه حاراً تتبعه الجرأة وَلِأَنَّهُ مستعد لِأَن يلتهب قلبه - صَار يسْرع إِلَيْهِ الْغَضَب وَلِأَن مزاجه مُوَافق لخلقه أعدت لَهُ الطبيعة آلَة الْفرس والنهس وأزاحت علته فِي الْأَعْضَاء الَّتِي يستعملها بِحَسب هَذَا المزاج وأعطته الأيد والبطش. وَلما كَانَ مزاج الأرنب مُقَابلا لهَذَا المزاج صَار خواراً جَبَانًا ضَعِيفا قَلِيل الْمِنَّة فَأَعَدْت الطبيعة لَهُ آلَة الْهَرَب فَهُوَ لذَلِك خَفِيف جيد الْعَدو لَا يصدر عَنهُ شَيْء من أَفعَال الشجَاعَة والإقدام فَكل أَسد شُجَاع مِقْدَام وكل أرنب جبان فرار حَتَّى لَو تحدث إِنْسَان أَن أرنباً أقدم على سبع وَولى السَّبع عَنهُ لَكَانَ مَوضِع ضحك. فَإِذا وجد صَاحب الفراسة فِي مخايل الْإِنْسَان وخلقه مشابهة لأحد هذَيْن الحيوانين فَحكم لَهُ بقريب من ذَلِك المزاج والخلق الصَّادِر عَنهُ فَهُوَ غير بعيد من الْحق لَا سِيمَا إِن أضَاف إِلَيْهِ الْأَصْلَيْنِ الباقيين.