تبَاعد هَذَا المزاج حَتَّى يكون مِنْهُ الْغُبَار والدود والجعل والذباب - نفر مِنْهُ الْإِنْسَان وتكرهه وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَنْوَاع من الْحَيَوَانَات مكونة من عفونات - كَمَا وصفناه من زِيَادَة الرُّطُوبَة ونقصان الْحَرَارَة - فبعدت من مزاج الْإِنْسَان وَكَذَلِكَ حَال فضول الْبدن وَذَلِكَ أَن الطبيعة إِذا استولت على الْغذَاء فتناولت مِنْهُ الْقدر الملائم وميزته أَيْضا وحصلته فِي أوعيته وشبهته أَولا أَولا بِالْبدنِ ونفت مَا لَيْسَ بملائم وميزته أَيْضا وحصلته فِي أوعية أُخْرَى وَهِي آلَات النفض فَإِن ذَلِك الْمُمَيز الَّذِي قد خرج عَنهُ جَمِيع مَا فِيهِ من الملاءمة - يحصل على غَايَة الْبعد من المشابهة وَتعرض لَهُ غَلَبَة الرُّطُوبَة ونقصان الْحَرَارَة فيعفن فينفر عَنهُ الْإِنْسَان ويكرهه وَيُحب الرَّاحَة مِنْهُ. وَهَذَا سَبِيل مَا يرشح من الْبدن من سَائِر الفضول فَإِن جَمِيعه مَا نَفَاهُ الطَّبْع وميزه فَهُوَ لذَلِك غير ملائم وَمَا لم يكن ملائماً كَانَ متكرهاً وَيُسمى هَذَا النَّوْع دنساً إِلَّا أَنه مَا