(مَسْأَلَة مَا سر النَّفس الشَّرِيفَة فِي إِيثَار النَّظَافَة ومحبة الطَّهَارَة)
وتتبع الْوَضَاءَة وعَلى هَذَا فَمَا وَجه الْخَيْر فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (البذاذة من الْإِيمَان) وَقَالَ بعض النِّسَاء: القشف من الشّرف والترف من السَّرف. وَسمعت صوفياً يَقُول: سر الصُّوفِي إِذا صفا لم يحْتَمل الجفا. وَمُطلق هَذَا يَقْتَضِي قيدا وَلَكِن قَالَ هَذَا وَسكت. وَسمعت فيلسوفاً يَقُول: إِذا صفا السِّرّ انْتَفَى الشَّرّ. وَهَذَا وَإِن كَانَ قولا رشيقاً فَإِن السَّبَب فِيهِ متوار وَالدَّلِيل عَنهُ متراخ. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: يَنْبَغِي أَن نتكلم أَولا فِي سَبَب النَّظَافَة والدنس حَتَّى تبين معنى كل وَاحِد مِنْهُمَا ثمَّ نَنْظُر فِي نفور الْإِنْسَان عَن الدنس وميله إِلَى الطَّهَارَة فَأَقُول: إِن العناصر الْأَرْبَعَة إِذا لم تمتزج ضروب الامتزاجات المتغايرة لم ينفر الْإِنْسَان مِنْهَا وَلم يسمهَا دنساً وَإِنَّمَا يَقع النفور من بعض المزاجات.