وَهَذَا نظر ينسل إِلَى الْجَبْر وَالِاخْتِيَار وهما فنان يحتاجان إِلَى تَحْدِيد نظر وتجديد اعْتِبَار. وَالْحَال المقسمة للبال من قَضَاء الوطر وبلوغ الْغَايَة فقي النّظر. الْجَواب: قَالَ أَوب عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: العاجلة إِنَّمَا يومأ بهَا إِلَى الْحَواس وتوابعها من اللَّذَّات فِي المآكل والمشارب والاستفراغات والاستراحات. وَالَّتِي تخْتَص بِهَذِهِ الْأَشْيَاء من الْحَواس هِيَ النَّفس البهيمية. ثمَّ يَنْبَغِي أَن تعلم أَن هَذِه النَّفس هِيَ مَعنا من أول النشوء وَمَعَ الْولادَة فقد ألفناها إلفاً قَوِيا مَعَ الزَّمَان الْمُتَّصِل الطَّوِيل فَلذَلِك كَانَت قوتها أظهر وغلبتها أَشد وَصَارَ الحكم لَهَا. وَإِنَّمَا نَظرنَا النَّفس المميزة بِقُوَّة الْعقل من بعد فَيظْهر أَثَرهَا قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن يقوى فِي وَقت التكهل والاجتماع وبلوغ الأشد فَنحْن نحتاج لذَلِك إِلَى مقاومة تِلْكَ النَّفس والاستعداد لَهَا وَكسر حدتها وإيهان قوتها بكلفة شَدِيدَة وصبر طَوِيل بِحَسب قوتها واستيلائها علينا وإلفنا إِيَّاهَا ونحتاج أَيْضا إِلَى تَقْوِيَة النَّفس الناطقة بامتثال أمرهَا وتثميرها وتنفيذ عزائمها فلأجل هَذَا صَعب علينا قبُول أَمر هَذِه وَسَهل قبُول أَمر تِلْكَ. فَأَما قَوْلك: كَيفَ يرد التَّكْلِيف بِخِلَاف مَا فِي الطبيعة فَإنَّا نقُول: إِن طبيعة النَّفس البهيمية الانقياد للنَّفس الناطقة وَالْوُقُوف عِنْد أمرهَا. وَلَوْلَا أَن ذَلِك فِي جلبتها وسوسها وَهُوَ قبُول التَّأْدِيب وَأَن