(مَسْأَلَة لم يشمئز الْإِنْسَان من جرح قد فغز فوه حَتَّى إِنَّه لينفر من النّظر إِلَيْهِ والدنو مِنْهُ وينفي خيال ذَلِك عَن نَفسه)
ويتعلل بِغَيْرِهِ وَكلما اشْتَدَّ نفوره مِنْهُ اشْتَدَّ ولوعه بِهِ مَا هَذَا أَيْضا فَإِنَّهُ بَاب آخر فِي طي التَّعَجُّب مِمَّا تقدم وَفِي الْمَسْأَلَة: أَن المعالج يُبَاشر ذَاك بِعَيْنِه نظرا وَبِيَدِهِ علاجاً وبلسانه حَدِيثا أَتَرَى ذَاك من المعالج إِنَّمَا هُوَ لضراوته وعادته وَطول مُبَاشَرَته وملاحظته أم لمكسبه وَحَاجته وَعِيَاله وَنَفَقَته فَإِن كَانَ للضراوة وَالْعَادَة فَمَا خَبره فِي ابْتِدَاء هَذِه الضروة وَالْعَادَة وَإِن كَانَ لحرفته فَكيف عاند طباعه معاندة وجاهد نَفسه مجاهدة وَهل يستوى للْإنْسَان أَن يعْتَاد مَا لَيْسَ فِي طبعه وَلَا فِي عَادَته ثمَّ يسْتَمر ذَلِك عَلَيْهِ وَيكون كمن ولد فِيهِ وَعمر بِهِ. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: قد تبين فِي المباحث الفلسفية أَن النَّفس بِالْحَقِيقَةِ وَاحِدَة وَإِنَّمَا تكثرت بالأشخاص وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فالإنسان إِذا رأى بِغَيْرِهِ أمرا خَارِجا عَن الطبيعية من جرح أَو تفَاوت فِي الْخلق أَو من نقص فِي الصُّورَة - عرض لَهُ من ذَلِك مَا يعرض لَهُ فِي ذَاته وَكَأَنَّهُ ينظر إِلَى نَفسه وجسمه لِأَن النَّفس هُنَاكَ هِيَ بِعَينهَا النَّفس هَهُنَا فَبِحَق مَا يعرض هَذَا الْعَارِض. فَأَما ولوعه بِهِ وحضوره فِي ذكر أبدا فَإِنَّمَا ذَلِك لأجل أَن النَّفس إِذا