يماثله فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا وَأكْثر فَأَما فِي جَمِيعهَا فمحال. فَهَذَا وَجه صِحَة قَول الْإِنْسَان: وَالله مَا رَأَيْت مثله. فَأَما من جِهَة أُخْرَى - وَهِي جِهَة طبيعية - فَإنَّك تعلم أَن الْحس سيال بسيلان محسوسه فَإِذا استثبت صُورَة ثمَّ زَالَت عَنهُ وَحَضَرت أُخْرَى شغلته وَثبتت بدل الْأُخْرَى فَلَا يحصر الْحس إِلَّا مَا قد أثر فِيهِ دون مَا قد زَالَ وَإِنَّمَا حصلت الأولى فِي الذّكر وَفِي قُوَّة أُخْرَى وَرُبمَا لم يجتمعا أَو لم يحضر الذّكر فَيكون قَول الْإِنْسَان على حسب الْحَاضِر وَحُضُور الذّكر أَو غيبته.
(مَسْأَلَة مَا سَبَب اسْتِحْسَان الصُّورَة الْحَسَنَة وَمَا هَذَا الولوع الظَّاهِر وَالنَّظَر والعشق الْوَاقِع من الْقلب والصبابة المتيمة للنَّفس)
والفكر الطارد للنوم والخيال الماثل للْإنْسَان أهذه كلهَا من آثَار الطبيعة أم هِيَ من عوارض النَّفس أم هِيَ من دواعي الْعقل أم من سِهَام الرّوح أم هِيَ خَالِيَة من الْعِلَل جَارِيَة على الهذر! وَهل يجوز أَن يُوجد مثل هَذِه الْأُمُور الْغَالِبَة وَالْأَحْوَال المؤثرة على وَجه الْعَبَث وَطَرِيق البطل. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: أما سَبَب الِاسْتِحْسَان لصورة الْإِنْسَان فكمال فِي الْأَعْضَاء وتناسب بَين الْأَجْزَاء مَقْبُول عِنْد النَّفس. وَهَذَا الْجَواب غرضك من الْمَسْأَلَة