الاختيارية التي تنبع من الإنسان نفسه، ويجري عليه القلم فيها بالحسنات والسيئات، فلا بد لهذا الشاب من رعاية خاصة تعينه على بداية سلوك الطريق، وتوضح له معالمه، وتذلل له مصاعبه، وتبين له زاده. حتى يسير الشاب إلى ربه آمناً مطمئناً على هُدًى وبصيرة.
يمر الإنسان في حياته بمراحل تتفاوت قوةً وضعفاً، فهو يخرج إلى الدنيا صغيراً ضعيفاً لا يعلم شيئاً، ثم يكبر شيئاً فشيئاً، ويقوى جسمه، وتنمو حواسه، ويزداد عقلاً وعلماً، حتى يبلغ أشده.
قال تعالى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} (?).
يقول ابن كثير رحمه الله (?): ((ذكر الله تعالى منته على عباده في إخراجه إياهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئاً، بعد هذا يرزقهم السمع الذي يدركون به الأصوات، والأبصار التي يحسون بها المرئيات، والأفئدة وهي العقول – التي مركزها القلب على الصحيح وقيل الدماغ – والعقل به يميز بين الأشياء ضارها ونافعها، وهذه القوى والحواس تحصل للإنسان على التدريج قليلاً قليلاً، كلما كبر زيد في سمعه وبصره وعقله حتى يبلغ أشده)).