بعد أن بذل الوالد جهده في تربيته لأولاده: من المهد، فالطفولة المبكرة، فالطفولة المتأخرة، فالمراهقة من سن الثانية عشر إلى إحدى وعشرين كما يقوله علماء النفس، فقد أدى ما كان واجباً عليه من رعاية: عقلية، وتربية ماديَّة، وأدبيّة، وصحيّة، وغير ذلك؛ فإنه بعد البلوغ من الأحسن أن يصاحبه ويعتبره رجلاً ويحمله المسؤولية ويناصحه، ولا يَعْنِي هذا أن يتركه بعد البلوغ ولا يرشده إلى أمور دينه ودنياه، بل عليه أن يلازمه حتى ولو بعد البلوغ، ويرشده إلى كل خير.
وقد قص القرآن الكريم قصصاً من إرشاد الآباء الصالحين وتوجيههم إلى كل خير، وتحذيرهم من كل شر، قال تعالى عن لقمان: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم} (?)، يخبر تعالى عن وصية لقمان لابنه، أوصاه أولاً بأن يعبد الله وحده ولا يشرك به أحداً، ثم قال محذراً له: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم}.
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: أيُّنا لم يلبس إيمانه بظلم؟، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّهُ لَيْسَ بذلكَ، ألا تَسمَعُ إلى قولِ لقمان: {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ