والخطيب في "الفصل والوصل": هكذا جزم هؤلاء بأنه مدرج، وأبى ذلك آخرون منهم صاحبا الصحيح، مصححًا كون الجميع مرفوعًا، وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته إياه، وكثرة أخذه عنه من همام وغيره، وهشام وشعبة، وإن كانا أحفظ من سعيد لكنهما لا ينافيان ما رواه، وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه، وليس المجلس متحدًا حتى يتوقف في زيادة سعيد، فإن ملازمة سعيد لقتادة كانت أكثر منهما فسمع منه ما لم يسمعه غيره، وهذا كله لو انفرد، وسعيد لم ينفرد، وقد قال النَّسائي: سعيد أثبت في قتادة من همام، وما أعلَّ به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرَّد به مردود لأنه في الصحيحين، وغيرهما من رواية من سمع منه قبل الاختلاط كزيد بن زريع ووافقه عليه أربعة تقدم ذكرهم وآخرون معهم لا نطيل بذكرهم).

قلت: قد ذكرت منهم ستة قال: (وهمام هو الذي انفرد بالتفصيل وهو الذي خالف الجميع في القدر المتفق على رفعه فإنه جعله واقعة عين. وهم جعلوه حكمًا عامًا فدل على أنه لم يضبطه كما ينبغي، والعجب ممن طعن في رفع الاستسعاء بكون همام جعله من قوله قتادة، ولم يطعن فيما يدل على ترك الاستسعاء وهو قوله في حديث ابن عمر وإلا فقد عتق منه ما عتق بكون أيوب جعله من قول نافع كما تقدم ففصل قول نافع من الحديث وميَّزه كما صنع همام سواء، فلم يجعلوه مدرجًا كما جعلوا حديث همام مدرجًا، مع كون يحيى بن سعيد وافق أيوب في ذلك، وهمام لم يوافقه أحد، وقد جزم بكون حديث نافع مدرجًا محمد بن وضاح وآخرون، والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعًا وِفَاقًا لعمل صاحبي الصحيح).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015