911 - قوله: "قال أبو عمر بن عبد البرّ: روي الإِفراد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جابر بن عبد الله من طرق شتى متواترة صحاح".

قلت: المتقدّمون يطلقون على المشهور وما ورد من طريقين فأكثر. فالطرق عن جابر بما يفيد هذا المعنى لم تبلغ حدّ التواتر إنّما هي عن نحو ستة من أصحابه وهم: أبو سفيان وأبو الزبير وعطاء ومجاهد والباقر ومحمد بن المنكدر. ثم هي في الواقع ليست قاطعة في ذلك بل هي محتملة. ومن عبّر بما يفيد القطع فهو تصرّف منه ورواية بالمعنى على حسب ما فهم من قول جابر:

"خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلّين بالحج مفردًا". ففهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حج مفردًا أيضًا. والواقع أن جابرًا لم يقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما قصد الصحابة وحدهم حتى أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالتمتع وفسخ الحج إلى العمرة كما صحّ عن جابر وغيره. والدليل على هذا أنّه ورد عن جابر التصريح بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا وأنّه جمع بين الحج والعمرة وطاف لهما طوافًا واحدًا وسعى لهما سعيًا واحدًا مما هو صريح لا يقبل الاحتمال بخلاف قوله: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلّين بالحج مفردًا" كما قدّمناه. فرواية أبي سفيان خرّجها أحمد والبيهقي من جهة أبي معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: "أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجته بالحج". زاد البيهقي: "ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015