حدّثني حمّاد عن إبراهيم قال: عليه دم وجد أو لم يجد. قال: فقمتُ من عنده، فتلقّاني الحجّاج بن أرطاة فقلت له: يا أبا أرطاة ما تقول في محرم لبس سراويل ولم يجد الإِزار أو لبس الخفّين ولم يجد النّعلين؟ فقال: حدّثنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عبّاس أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال .. وذكر الحديث، قال: وحدّثني نافع عن ابن عمر أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال مثله، قال: وحدّثني أبو إسحاق عن الحارث عن علي مثله. فقلت له: فما بال صاحبكم قال كذا وكذا؟ فقال: من ذاك وصاحب من ذاك؟ وقبّح الله ذاك. قلت: مثل هذه المعارضة الجافية القاسية هو الذي كان يحمل الأئمّة من السّلف على الطّعن في أبي حنيفة حتّى اتّهموه بالعظائم. ولو سلك كما سلك مالك رحمه الله في الجواب والاعتذار لكان أسلم لدينه وعرضه. ففي الموطأ: قال يحيى: سئل مالك عمّا ذكر عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل. فقال: لم أسمع بهذا ولم أر أن يلبس المحرم سراويل لأن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس السّراويلات ممّا نهى عنه من لبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم أن يلبسها ولم يستثن فيها كما استثنى في الخفين فاعتذر مالك بأنّه لا علم له بهذا الحديث ثمّ ذكر ما هو في نظره دليل على ضعف الحديث الذي لم يبلغه وهو معارضته للحديث الثابت عنده. فردّ الحديث بما هو مقبول متّبع في ذلك للعلماء بخلاف أبي حنيفة فإِنّه أشار بيده كالمستخفّ بالحديث ثمّ ردّه لمجرد رأي إبراهيم. وفي قول مالك: لم أسمع بهذا الحديث مع كونه في صحيح البخاري ومسلم وكونه مشهورًا بين سائر الأئمّة والحفّاظ