وكم في موضع نصب " أهلكنا ". ومعنى الآية على قول ابن عباس: " أَوَلَمْ يتبين لهم، أي لقريش كم أهلكنا من قبلهم من القرون فيتعظوا ويزدجروا. وقدر بعض النحويين الآية على قول الفرء فقال: التقدير: أو لم يتبين لهم كثرة من أهلكنا من قبلهم من الأمم فيتعظوا.
ثم قال تعالى: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} أي: تمشي قريش في مساكن الأمم الخالية، فكيف لا تتعظ وتزدجر وتعلم أن مصيرها إن كفرت إلى ما صارت إليه هذه الأمم.
ثم قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ} أي: إن في خلاء مساكن من مضى، وأهلاك الله إياهم لعبرا وحججاً لقريش، أفلا يسمعون عظات الله وتذكيره إياهم وتعريفه مواضع حججه عليهم.
وقيل: {أَفَلاَ يَسْمَعُونَ}، معناه: أفلا يعقلون، مثل " سَمِع اللهُ لِمَنْ حَمِدَه ".
قوله تعالى [ذكره]: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ المآء إِلَى الأرض الجرز} إلى آخر السورة.
أَلَم يرَ هؤلاء المكذبون بالبعث [بعد الموت] أنا بقدرتنا نسوق الماء إلى الأرض اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها/.