ثم قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ}.
أي: جاهدوا المشركين حق الجهاد. قاله: ابن عباس.
وعن ابن عباس: أن المعنى: لا تخافوا في الله لومة لائم، فذلك حق جهاده.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " المجاهد من جاهد نفسه لله عز وجل ".
وعنه أنه قال: " أفضل الجهاد، كلمة عدل عند سلطان جائر "، ومعنى: " حق جهاده " هو استفراغ الطاقة. يقول الله تعالى: {فاتقوا الله مَا استطعتم}. وأكثر الناس على أنه غير منسوخ وواجب على كل مسلم أن يجاهد في الله حق جهاده على قدر استطاعته ويكون قوله: {فاتقوا الله مَا استطعتم} [التغابن: 16] بياناً لهذا وليس بناسخ له.
قوله تعالى ذكره: {هُوَ اجتباكم وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ} إلى آخر السورة.
أي: هو اختاركم لدينه، واصطفاكم لحرب أعدائه.
وقال ابن زيد: " هو اجتباكم " أي: هَدَاكم. {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ} أي: من ضيق لا مخرج لكم منه، بل وسع عليكم، فجعل التوبة من بعض مخرجاً، والكفارة من بعض، والقصاص من بعض. فلا ذنب يذنبه المؤمن إلا وله في دين الإسلام منه مخرج، هذا معنى قول ابن عباس.
" وقد سألت عائشة رضي الله عنهها النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: هو الضيق " يعني أن الحرج: الضيق.