ويروحان عليه، فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم: تعلم، والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين، له ثمان عشر سنة بهذا الضر، لم ي C فيكشف ما به، فأخبر الذي يقول أيوب بقول صاحبه بحضرتهما، فقال أيوب: ما أدري ما تقولان، غير أن الله يعلم إن كنت أمر بالرجلين يتنازعان فيذكران الله ويحلفان، فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر أن يذكر الله إلا في حق ".
وروي عن الليث أنه قال: " كان الذي أصاب أيوب أنه دخل مع أهل قريته على ملكهم جبار من الجبابرة في بعض ما كان من ظلمة للناس، فكلموه، فأبلغوا في كلامهم، فرفق أيوب في كلامه مخافة منه على زرعه، فقال الله له: يا أيوب أتقيت عبداً من عبيدي من أجل زرعك، فنزل به ما نزل ذكره ابن وهب ".
وعن الليث أنه قال: " بلغني أنه قيل لأيوب صلوات الله عليه: ما لك لا تسأل الله العافية؟ قال: إني لأستحي من الله أن أسأله العافية حتى يمر بي من البلاء ما مر بي من الرخاء ".
وقيل: إن الذي كان حدث به داء يقال له الأكلة، فكان جسمه يتآكل ويتساقط حتى شغل عن القيام بماله، فذهب ماله وزال جميع ملكه، وحتى أن قومه أخرجوه من جوارهم، فصار في طريق من أطراق البلاد بحيث لا يجد فيه غذاء إلا ما يجده الفقراء الزمناء، وهو صابر مع ذلك، يحتسب، عارف بعدل الله في ذلك أنه لم يختر له، ولافعل به إلا ما حسن نظره في باب الدين أو أنه فعل ذلك به ليعوضه من نعيم الجنة ما هو أنفع له وأصلح مما سله من ماله وصحة جسمه، فكان إبليس اللعين يؤذيه