ثم قال تعالى: {قَالَ رَبِّ لِمَ حشرتني أعمى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً}.
قال مجاهد، معناه: لِمَ حشرتني ولا حجة لي، وقد كنت عالماً بحجتي بصيراً بها عند نفسي في الدنيا.
وقال إبراهيم بن عرفة: كلما ذكر الله جلّ وعز في القرآن من العمى، فذمّه فإنما يريد به عمى القلب. قال الله تعالى: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور}.
وقيل: معناه، وقد كنت ذا بصر أنظر به الأشياء في الدنيا.
وقيل: معنى الآية: ونحشره يوم القيامة أعمى عن حجته، ورؤية الأشياء، لأن الآية عامة.
وقوله: " لم حشرتني أعمى "، أي: أعمى عن حجتي وعن رؤية الأشياء وقد كنت بصيراً، أي بصيراً بحجتي في الدنيا رائياً للأشياء.
وهذا سؤل من العبد لربه أن يعلمه الجُرم الذي استحق ذلك عليه، لأنه جهله وظن أنه لا ذنب له، فقال الله جلّ ذكره: {قَالَ كذلك أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} أي: فعلت ذلك بك كما أتتك آياتنا، وهي ما أنزل في كتابه من فرائضه.
{فَنَسِيتَهَا}. أي فتركتها، أي: أعرضت عنها، ولم تؤمن بها.