فألقى الألواح، فتسكرت، وصعد عامة الذي كان فيها من كلام الله وأخذ موسى برأس أخيه يجره إليه، فقال له هارون: يا أخي {لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بني إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}، فأرسله ثم أقبل على السامري، فقال: ما خطبك يا سامري، ولِمَ صنعت ما أرى، فقال له ما نص الله علينا، فأمر موسى بالسامري أن يخرج من محلة بني إسرائيل، وأن لا يخالطهم في شيء، وأمر بالعجل فذبح، ثم أحرقه بالنار، ثم ذراه في اليم، ثم أتاهم موسى بكتاب ربهم فيه الحلال والحرام، والفرائض والحدود فلما نظروا إليه قالوا: لا حاجة لنا في الذي آتيتنا به، فإن العجل الذي حرقت كان أحب إلينا من الذي آتينا به فلسنا بقابليه ولا آخذين بما فيه. فقال موسى: رب إن عبادك بني إسرائيل قد ردوا كتابك وكذبوا نبيك، فأمر الله تعالى الملائكة فرفعوا الجبل فغشوا به بني إسرائيل حتى ظلوا به عسكرهم، فحال بينهم وبين السماء، فقال موسى صلى الله عليه وسلم: إما أن تأخذوا هذا الكتاب بما فيه، وإما أن يلقى عليكم الجبل، فقالوا: سمعنا وعصينا الذي جئتنا به، ثم أخذوا ولم يجدوا من أخذه بداً، فرفع عنهم الجبل فنظروا في الكتاب، فبين راض وكاره ومؤمن وكافر فعفا الله تعالى عنهم، فهو قوله: {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.