" والنهي " جمع نهية. يقال: فلان ذو نهية. أي ذو عقل. وخص أهل النهى بذلك، لأنهم أهل التفكير والاعتبار والتدبر والاتعاظ.
ثم قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ}.
أي: من الأرض خلقنا أصلكم. وهو آدم، وفي الأرض نعيدكم بعد الموت، ومن الأرض نخرجكم عند البعث في القيامة أحياء كما كنتم " تارة أخرى " أي: مرة أخرى.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنههـ: " إذا قبض الملك روح المؤمن عرج به إلى السماء فقال: قد قبضت روح فلان. فيقول الله عز وجل: " ردّ بها. أي: قد وعدته {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أخرى}. قال: فإنه ليسمع صوت نعالهم (إذا ولوا مدبرين).
ثم قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا} أي: أرينا فرعون أدلتنا وحججنا الي أعطينا موسى وهارون كلها عياناً فكذب بها وأبى أن يؤمن، استكباراً وعتواً.
ثم قال: {قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ ياموسى} أي: قال فرعون لموسى لما رأى الآيات: {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ ياموسى * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فاجعل بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى} أي: مكاناً عدلاً نصفاً لنا/ ولك، قاله قتادة.
وقال مجاهد: " مكانا منصفاً بينهم ".