قوله: وإن رأت المرأة يومًا طهرًا ويومًا دما ففيه قولان:

أحدهما: تضم الطهر إلى الطهر، والدم إلى الدم.

والثاني- وهو الأصح عند الجمهور-: أنها لا تضم، بل الجميع حيض. ثم استدل على الثاني فقال: ولأن الناس أجمعوا على أن أقل الطهر خمسة عشر يومًا، فلو قلنا: يوم النقاء طهر، لأدى إلى أن يكون يومًا. انتهى.

وما نقله من الإجماع المذكور ليس بصحيح، فإن في أقله خمسة مذاهب حكاها في ((شرح المهذب)) كلها دون الخمسة عشر:

أحدها: أنه غير محدود بالكلية، وهو رواية ابن القاسم عن مالك، ونقله ابن المنذر عن أحمد وإسحاق.

والثاني: خمسة أيام، ورواه ابن الماجشون عن مالك.

والثالث: ثمانية، رواه سحنون عنه.

والرابع: عشرة، نقله الماوردي عنه.

والخامس: ثلاثة عشر، وهو منقول عن أحمد، أيضًا.

وقد نقل المصنف القول الأول والرابع قبل هذا الموضع بدون الورقة. ثم إن الخلاف ثابت- أيضًا- عندنا في المسألة، ويعرف من الاعتراض المذكور قبل هذا.

قوله: لما روى البخاري عن عائشة: ((أن نساء كن يبعثن إليها بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء)). والكرسف: القطن، والقصة البيضاء: شيء كالخيط الأبيض يخرج عند انقطاع الدم. انتهى كلامه.

وتفسيره القصة بأنه شيء كالخيط تحريف فاحش، بل القصة هو الجص الذي تبيض به البيوت، قال في ((شرح المهذب)): القصة- بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة- هو الجص، شبهت الرطوبة النتنة الصافية بالجص. هذه عبارته.

والدرجة: بضم الدال وإسكان الراء المهملتين وبالجيم، وروي بكسر الدال وفتح الراء، وهي خرقة أو قطنة أو نحو ذلك تدخله المرأة فرجها، ثم تخرجه لتنظر: هل بقي شيء من أثر الحيض أم لا؟

واعلم أن البخاري ذكر هذا الأثر تعليقًا، أي: بغير إسناد، فاعلمه. فإن كلام المصنف قد يوهم خلافه، إلا أن تعليقات البخاري هكذا صحيحة إذا كانت بصيغة جزم، وقد رواه- أيضًا- مالك في الموطأ بإسناد صحيح.

قوله: لأنه روي عن ابن عباس أنه قال: ((دم الحيض أسود محتدم بحراني ذو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015