المقطوع بصدق مخبره، وهو عدد التواتر، وعلى ذلك جرى النووي وحكى الإمام وغيره الوجهين، وفي ابن يونس أن مفهوم كلام ابن الصباغ أنه إذا كثرت الأخبار بحث يقع في قلبه صدقهم، وإن لم يبلغوا عدد التواتر- كفى. انتهى كلامه.

وما نقله عن النووي من اختياره لعدم التواتر المقيد للعلم غلط، فقد عبر النووي في أصل الروضة بقوله: الأصح أنه يشترط أن يسمعه من جميع كثير يقع العلم أو الظن القوي بخبرهم ويؤمن تواطؤهم على الكذب. هذه عبارته، وعبر في ((تصحيح التنبيه)) أيضًا بقوله: يؤمن، ولم يعبر بالعلم، وكذلك في المنهاج، وسبب الغلط اشتباه الفرق بين المستفيض والمتواتر، وتوهم التسوية بينهما، وليس كذلك، فقد قال الأصوليون وغيرهم: إن المتواتر هو الخبر الذي بلغت رواته في الكثرة مبلغًا أحالت العادة تواطؤهم على الكذب، والمستفيض الذي لم ينته إلى ذلك، بل أفاد الأمن من التواطؤ على الكذب، والأمن معناه الوثوق، وذلك بالظن المؤكد، وما نقله المصنف عن الماوردي قد نقل عنه الرافعي خلافه، والصواب ما في الكتاب كما بينته في المهمات.

قوله: وقد أطلق القاضي حسين والرافعي في باب حد الزنى حكاية وجهين في استحباب كتمان شهادة الشهود في حدود الله تعالى، وأن أصحهما المنع كي لا يتعطل. انتهى كلامه.

واعلم أن القاضي الحسين قد ذكر وجهين في وجوب الشهادة، وزاد على ذلك فاختار الوجوب، وعبر بقوله: والذي أختاره أنه واجب، ثم فرق بينه وبين عدم وجوب الإقرار بأن التوبة واجبة عليه وطهره حاصل با. ذكر ذلك في كتاب المسمى: ((أسرار الفقه))، قبيل كتاب السرقة.

قوله: وفي جواز الشهادة على الشهادة في حقوق الله تعالى قولان، أصحهما: المنع.

ثم قال ما نصه: وقال ابن الصباغ: إنهما جاريان في الشهادة بالإحصان. قلته تخريجًا. انتهى لفظه.

وهذا النقل عن ابن الصباغ غلط، بل القائل له إنما هو ابن القاص في التلخيص، وعادته في كتابه المذكور أن يعبر بهذه العبارة، وهي قلته تخريجًا. نعم نقل ابن الصباغ في ((الشامل)) هذا الكلام عنه، فنسي المصنف فعزاه إليه غلطًا.

قوله: فرع: أطلق الماوردي القول بأنه لا يجب على شاهد الأصل أن يشهد على شهادته إذا طولب بذلك، واختار لنفسه وجوبه إن كان مما ينتقل إلى الأعيان كالوقف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015