فكأنه قال: قلت: وهو كما وقع في التنبيه في باب ما يوجب الغسل، قال الشيخ: وعندي أنه يلزمه الغسل، فتوهم ابن الرفعة أنه نقل عن غيره، وهو خطأ فاجتنبه.
قوله: وإن شهد ثلاثة بالزنا، وجب على الشهود حد القذف في أحد القولين، لما روي أن المغيرة بن شعبة كان أميرًا على البصرة من قبل عمر وكان منكاحًا- أي كثير التزويج- فخلا بامرأة في دار كان ينزلها وينزل فيها معه أبو بكرة ونافع ونفيع وزياد ابن أبيه، وكان جميعهم من ثقيف، فهب ريح ففتحت الباب فرأوه على بطن امرأة فبلغت القصة عمر، فاجتمعوا عنده فبدأ أبو بكرة فشهد بالزنا، ثم شهد نافع، ثم شهد ابن معبد، ثم أقبل زياد ليشهد، فلم يصرح بشيء. انتهى كلامه ملخصًا.
وفيه تخليط وتخبيط، فغن ((نفيع)) المصغر هو أبو بكرة، وإنما كني بذلك لأنه أسلم حين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - محاصرًا للطائف وتدلى إليه من حصنها ببكرة فلقب بذلك، ولهذا فإن المصنف لم يذكره آخرًا عند الكلام على أداء الشهادة، وكان نافع ونفيع أخوين شقيقين، وهما ولدا الحارث بن كلدة- بفتح الكاف واللام- وزياد أخوهما لأمهما واسمهما سمية- بسين مهملة مضمومة ثم ميم مفتوحة ثم ياء مشددة تصغير اسم- وكانت أمة للحارث بن كلدة، فأتت منه بنافع ونفيع، ثم أتت بزياد من غير أب معروف، فلذلك كان يقال له: ابن أبيه- بالباء الموحدة- وكان أبو سفيان يذكر أنا حملت منه في الجاهلية، فاستلحقه معاوية في خلافته ووقع في الكتاب أنه زياد بن أمية- بهمزة مضمومة وميم مفتوحة وياء مشددة- وهو أيضًا تحريف.
قوله: في المسألة الثانية قال العلماء: الصحابة عدول وهذه القصة تقتضي الطعن في المغيرة أو في من شهد عليه، فما العذر؟ انتهى.
وهذا الكلام عجيب، مؤذن بعدم فهم المراد من قول العلماء: إن الصحابة عدول، فيقول: معنى كونهم عدولًا أن مجرد الصحبة شاهدة للتعديل مغنية عن البحث عنهم والفحص، فإن ظهر من أحد منهم ما يقتضي التفسيق فليس بعدل كسارق رداء صفوان، ومن يثبت زناه كالغامدية وماعز، ولهذا عبر القرافي في كتبه الأصولية بعبارة حسنة، فقال: إنهم عدول إلا من تحققنا قيام المانع به، ثم مثل بمن ذكرناه، وليس المراد من كونهم عدولًا أنه يلزمهم اتصافهم بذلك ويستحيل خلافه، فإن هذا هو معنى العصمة المختصة بالأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- على أن المصنف قد أجاب عما ذكره بجواب آخر.
قوله: وقد ألحق الغزالى وإمامه قول المقر على درهم بقوله: درهم صغير،