والمصنف مع ما اتصف به من جلالة القدر في المذهب، كان قليل المعرفة بالأصحاب وبالتصانيف.
الأمر الثاني: أن كلامه يشعر بأن ابن هبيرة هو القائل بذلك، وقد راجعت كلامه فوجدته قد نقلها عن الشافعي، فاعلمه.
الثالث: أن الإمام قد ذكر المسألة في النهاية في فصل، أوله قال: ولو زوجها الولي، ذكر ذلك في سياق النكاح والبيع جميعًا، إلا أن مثل بالبيع.
ثم قال: ولا يبعد انعقاد البيع به، ولم يذكر نقلًا يخالف ذلك.
قوله: وإذا كان الراغب فيمن لا ولي لها هو القاضي، زوجها به من فوقه من الولاة، أو يخرج إلى قاضي بلد آخر ليزوجها به أو يستخلف خليفة إن كان الاستخلاف جائزًا له. كذا قاله الغزالي.
وفي الشامل في جواز قبوله من خليفته وجهان، المذهب ألا يجوز. انتهى.
وهذا الخلاف الذي حكاه عن الشامل ليس له ذكر فيه في هذا الباب.
قوله: نقلًا عن الشيخ: فإن كانت الزوجة أمة، فالأولى ألا يعزل عنها، لما روى مسلم عن جذامة بنت وهب أخت عكاشة، قالت: سئل - صلى الله عليه وسلم - عن العزل فقال: ((هو الوأد الخفي))، ثم تلا قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9].
ومراد الشيخ بعدم الأولوية هو الكراهة، فإنه صرح به في المهذب.
وقطع الخراسانيون بأنه لا يكره، ولم يحك الشاشي سواه. انتهى كلامه.
وما ذكره من كون الشاشي جازمًا بعدم كراهته غلط، فقد جزم بالكراهة في كتبه الثلاث وهي: المعتمد والحلية والترغيب، وموضع المسألة في هذه الكتب هو كتاب القسم بين الزوجات، فاعلمه.
وأما كتابه المسمى بالعمدة، فلم يتعرض فيه للمسألة بالكلية.
تنبيه: جدامة- بالجيم والدال المهملة والميم- ومن ذكرها بالمعجمة فقد صحف، كذا قاله الدارقطني قال: وهي أخت عكاشة من أمه.
والمراد: دفن البنات بالحياة.
قوله: وإن كانت حرة، لم يجز إلا بإذنها.
قال في التتمة: وهو ظاهر المذهب.
وقال الرافعي: إنه أظهر الطريقين.