بعث عمرو بن أمية الضمري إلى الحبشة، فزوج له أم حبيبة بنت أبي سفيان، زوجها الوليد بن سعيد بن العاص، فكان ابن عمها، لأن أباها كان كافرًا حيً. قاله البغوي. انتهى كلامه.

واعلم: أن أم حبيبة- رضي الله عنها- وهي بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن قصي- كانت متزوجة بعبد الله بن جحش، فأسلما، وهاجرا إلى الحبشة مع من هاجر، ثم إن عبد الله المذكور تنصر هناك، ومات نصرانيًا، فلما انقضت عدتها، بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري إلى الحبشة، فزوج بها له، وكان ولي نكاحها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن قصي، وكان أيضًا قد أسلم وهاجر، وكان أبوها أبو سفيان إذ ذاك مشركًا، وأصدقها النحاشي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعمائة دينار، وهي أربعة آلاف درهم.

وهذا كله ثابت مشهور في كتب السير والأحاديث، وإذا علمت ذلك، علمت أن في كلام المصنف أمرين:

أحدهما: دعواه أن الولي العاقد هو الوليد بن سعيد، وهو غلط محض في نفسه، وعلى البغوي أيضًا، بل صوابه- وهو المذكور في التهذيب، إنما هو خالد بن سعيد.

الأمر الثاني: أن كلامه يوهم أن العاقد هو ابن عم أم حبيبة على الحقيقة، وقد ظهر لك مما ذكرناه أن أباه ابن عم أبيها، والله أعلم.

قوله: فرع: هل يجب على الحاكم طلب البينة بعدم حضور الولي، وخلوها عن النكاح والعدة، أم يستحب؟ فيه وجهان.

فإن قلنا: لا يجب، فلو ألحت في المطالبة، ورأي السلطان التأخير، هل له ذلك؟ حكى الإمام فيه وجهين عن الأصوليين. انتهى كلامه.

وما ذكره في آخر كلامه، ذكره الرافعي فأخذه المصنف منه، وهو يقتضي أن هذين الوجهين لأصحابنا، وأن الأصوليين نقلوهما، ولهذا اغتر النووي بذلك في الروضة، فأطلق حكاية وجهين، ولم يتعرض للنقل عن الأصوليين بالكلية، وهذا كله غلط.

فإن الإمام- لما ذكرنا أنها إذا سألت ذلك وألحت- قال ما نصه: وهذا لا ينتهي إليه كلام الفقهاء، وهو من محض أحكام الإمامة، وقد اختلف أرباب الأصول فيه، فذهب، وروينا في الأصول على أنها تجاب، وأقصى ما يمكن السلطان منه، أن يستمهلها، فإن أبت أجابها.

وذهب القاضي أبو بكر الباقلاني إلى أن القاضي لا يجيبها إن رأى ذلك، ويقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015