أحدهما: أن ما أطلقه من عدم وجوب المهر، قد أطلقه أيضًا الرافعي، والنووي في الروضة، ومحله إذا كانت المرأة رشيدة، فإن كانت سفيهة- أيضًا- وجب، لأن رضاها بذلك لاغ، كذا نبه عليه النووي في ((فتاويه))، وهو ظاهر، يؤيده ما إذا اشترى السفيه من سفيه آخر، وقبض المبيع وأتلفه، فإن الضمان يجب عليه، ومثله: لو كانت رشيدة، لكن وطئها نائمة، أو مجنونة، أو مكرهة.
وقد نبه عليه المصنف في نظير المسألة، وهو ما إذا تزوج العبد بغير إذن سيده، ووطئ، وحكى خلافًا فيما إذا كانت أمة، لأن الحق لغيرها، ويتجه جريانه هنا.
الأمر الثاني: أن تعبيره في آخر كلامه بالمفلس غلط، فإن البائع من المفلس يجب له عليه الثمن بلا نزاع، واختلفوا في مزاحمته للغرماء. والصواب: أن يعبر بقوله من سفيه.
قوله: أما إذا كان بين البكر وبين أبيها عداوة، فقال ابن كج في كتابه: ليس له إجبارها على النكاح، هكذا نقله الحناطي عن ابن المرزبان، ثم قال: ويحتمل جوازه.
وحكى الحناطي فيه وجهين. انتهى كلامه.
وما ذكره من حكاية الحناطي للوجهين غلط، فإن المصنف اعتمد على الرافعي في النقل المتقدم جميعه، فغنه مذكور فيه بلفظه، وليس فيه حكاية هذين الوجهين عن الحناطي، وأيضًا فإنه- أعني: المصنف- لم يقف على كتاب ابن كج ولا كتاب الحناطي.
وأيضًا فإن قول الحناطي: يحتمل جوازه مناف لنقله للوجهين، وبالجملة فالوجهان ذكرهما الجيلي، شارح ((التنبيه))، فانتقل ذهن المصنف منه إلى الحناطي، أو سبق قلمه أو تحرف عليه في النقل من مسودته.
واعلم: أن الماوردي قد جزم في الحاوي بما حاصله جواز الإجبار، وتبعه عليه الروياني في البحر، وبه يحصل الوجهان في المسألة، فاعلمه، فإن كلام الرافعي يقتضي أنه لم يظفر فيه بخلاف.
قوله: فرع: لو قالت: وكلته بتزويجي.
قاله الرافعي: فالذين لقيناهم من الأئمة لا يعتدون به إذنًا، لأن توكيل المرأة في النكاح باطل، ويجوز أن يعتد به إذنًا، لم ذكرنا في الوكالة أنها إذا فسدت، فالأصح أنه ينفذ التصرف بحكم الإذن. انتهى كلامه.
البحث الذي ذكره في آخره هو ن تتمة كلام الرافعي، ومتابعة المصنف عليه