يرث المقتول، ولكن يرثه ابنه وهو أخو القتيل، والفرق بينهما: أن في باب النسب الأخوة ثابتة بين الأخ والمقتول، فلهذا قلنا بأنه يرثه، وأما في باب الولاء، فيستفيد الولاء بموت الأب، فما دام الأب حيًا، لا يثبت له الولاء، وهكذا لو استرق المعتق، وله ابن مسلم، ثم مات عتيقه، فإن ميراثه لبيت المال، ولا يكون لابنه، وهكذا نقول في التزويج لو أن كافرًا أعتق أمة مسلمة، وللمعتق أب مسلم أو أخ أو ابن، فإن ولاية التزويج إلى الحاكم، لا إلى أب المعتقة، والفرق بينهما ما ذكرناه فالزم.
مسألة: فقالوا لو أن امرأة أعتقت أمة، وللمعتقة أب، فإن أباها يزوج المعتقة. هكذا نص الشافعي- رحمه الله- فنقل الولاية إلى ابنها بسبب عصوبة الولاء.
ولو أن رجلًا أعتق أمة، فمات المعتق، وخلف ابنًا صغيرًا، وللابن الصغير جد، قال: ليس للجد أن يزوج الأمة العتيقة. فقيل له: ما الفرق بين هذه المسألة وبين الأولى حيث قال: ليس للجد أن يزوج الأمة العتيقة. فقيل له: ما الفرق بين هذه المسألة وبين الأولى حيث قال الشافعي: لأبي المعتقة أن يزوج عتيقها؟ قال: الفرق بينهما أن في مسألة المعتقة قد وقع الإياس عن ثبوت الولاية لها بالولاء، فجعلت كالمعدومة، فانتقلت الولاية إلى أبيها. وفي تلك المسألة لم يقع الإياس بثبوت الولاية للابن الصغير بالولاء عند البلوغ، فلهذا افترقا. هذا كلام القاضي حسين بحروفه.
وقد تحرر منه أن المانع في النسب نقل الإرث وولاية النكاح إلى الأبعد، وهو واضح، وأنه لا ينقلها في الولاء، بل يثبتان معًا للمسلمين على / 206 أما ذكره القاضي، ولم ينص الرافعي على مسألة النكاح بالنسبة إلى الولاء، ولكن إطلاقه يقتضي الانتقال إلى الأبعد كما في النسب، وأما مسألة الإرث، فصرح بها، وجزم بانتقال المال إلى الأبعد كما في الإرث بالنسب. ذكر ذلك قبيل ((باب الرجوع عن الوصية)) بنحو ورقتين، فقال فيما إذا قتل السيد عتيقه ما نصه: ولا يرث السيد من ديته، لأنه قاتل، بل إن كان له وارث أقرب من سيده، فهي له، وإلا فلأقرب عصبات السيد، هذا كلامه.
وقد نقله أيضًا المصنف عنه، فعلم به القول بذلك في التزويج أيضًا، لأنهما متلازمان كما سبق.
وأما قول المصنف: إن الفرق للقفال، فليس للقفال ذكر في هذا الكلام الذي نقله ولا في الكلام الذي قبله أيضًا، فقد تأملت الفصل جميعه، فعلم أنه للقاضي، وأن المعبر بهذه اللفظة هو المعلق عنه هذه التعليقة.
وأما قوله: إن مسألة التزويج قد نقلها القاضي عن النص، فليس كذلك، بل