جرم احتاج الإمام في تصوير المسألة لما ذكره، لأن القبول لابد منه، لاسيما وهو على الفور عند من شرطه، وإن كان حكمه حكم الوصية في حياته من الثلث، وهكذا الهبة ونحوها في مرض الموت، لابد فيها من القبول الناجز، وإن كانت كالوصية، ولا يمكن القول بإجبار المورث في حياته لوارثه على قبول تمليك ناجز، ولأنه إذا لم يقع قبول بالكلية، لم يحصل الوقف، فكيف مجيء الكلام في أنه هل يملك إبطاله أم لا؟ نعم إن قلنا: لا يحتاج الوقف إلى القبول، فله الرد في غير هذه المسألة، وأما فيها، ففيه نظر، وقد ذكرت المسألة في المهمات أيضًا بأوضح مما هي هاهنا، لأجل حكاية لفظ الرافعي [أو].

قوله: وحكى الجيلي عن الشافعي قولًا كمذهب أبي حنيفة: أنه إذا لم يوص بالحج، لا يجوز إخراجه من تركته، لفقد النية.

وقال: إنه في البسيط. انتهى كلامه.

وهو يقتضي أنه لم يقف على هذا الوقف إلا في هذا الكتاب الذي لا يعتمد على نقله، وهو غريب، فإن المصنف نفسه قد حكى هذا القول في كتاب الحج، ورواه عن القاضي الحسين، وعن الإمام ايضًا، وكأنه لم يستحضر ما هناك، ونقله أيضًا إمام الحرمين والبغوي والمتولي وجماعة.

قوله: والحمى في اليوم الأول والثاني يحسب التبرع فيها من رأس المال، كما صرح به البندنيجي.

وقيل: إنها من أول حدوثها مخوفة.

ثم قال: وعلى الأول إذا اتصل الموت بحمى يوم أو يومين، ففي تعليق البندنيجي أنه لا أثر لذلك.

وفي الوسيط: أن نبين أن ذلك مخوف، وهو منطبق على ما حكاه القاضي حسين حيث قال: إذا تبرع في مرض غير مخوف، ثم مات منه، بان لنا أنا أخطأنا، فيعتبر من الثالث. انتهى كلامه.

وما حكاه- رحمه الله- عن الوسيط من أن نبين أنه مخوف إذا اتصل بالموت بحمى يوم أو يومين سهو، ففي الوسيط الجزم بأنه ليس بمخوف، فإنه قال: فأما حمى يوم أو يومين، وإسهال يوم أو يومين، فهو إذا دام، صار مخوفًا، وابتداؤه مشكل، فلا نحجر عليه، فإن دام ومات تبينًا فساد التصرف، أو بأن أن الأول كان مخوفًا. هذا كلام الغزالي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015