قوله: وليس في هذا إلا أن فيه جميعًا بين إرادة الحقيقة والمجاز، وذلك جائز عند بعض أصحابنا. انتهى كلامه.
وهذا الذي نسبه إلى بعض الأصحاب واقتضى كلامه ضعف هو مذهب الشافعي، كما هو معروف في كتب الأصول، ونقله أصحابنا في كتبهم حتى في ((الروضة)) في كتاب الإيمان.
قوله: وعن صاحب ((التلخيص)) أنه يتقدر المسح بثلاث شعرات كما في حلق الرأس في الحج، واختاره البصريون من أصحابنا، قال الرافعي: وقد أفهم كلام بعض النقلة احتمالًا في اعتبار قدر ذلك- أيضًا- في المسح على البشرة. انتهى كلامه.
واعلم أن الاحتمال أبداه الرافعي، ثم نقل عن بعضهم ما يدل عليه، فإنه نقل عن ابن القاص أنه يتقدر بثلاث شعرات.
ثم قال: وهل يختص هذا الوجه بما إذا كان المسح على الشعر، أم يجري في مسح البشرة حتى يشترط المسح على موضع ثلاث شعرات؟ في كلام النقلة ما يشعر بالاحتمالين جميعًا، والأول أظهر. هذا لفظه، وبينهما فرق ظاهر، ولا جرم حكاهما في ((الروضة)) وجهين.
قوله: والدلالة على وجوب الترتيب [كذا] من وجهين: أحدهما: أنه- سبحانه وتعالى- أمر بغسل الوجه بحرف الفاء الموجب للتعقيب والترتيب إجماعًا، حيث قال تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}، وإذا ثبت تقديم الوجه ثبت استحقاق الترتيب، لأنه لا قائل بالفرق. ثم ذكر بعد ذلك أنه لا فرق في استحقاق الفاء للترتيب بين فاء الجزاء وغيرها. انتهى.
وما ذكره- رحمه الله- من دعوى الإجماع على أن الفاء للترتيب ليس كذلك، فقد ذهب الفراء إلى أنها لا تدل على الترتيب، وذهب الجرمي إلى أنها إن دخلت على الأماكن أو المطر فلا ترتيب، تقول: نزلنا- أو نزل المطر- نجدًا فتهامة، وإن كانت تهامة في وقوع المطر سابقة على نجد.