ثم ذكر بعده عن القاضي أبي حامد نحوه، وادعى مغايرته لقول أبي إسحاق، مع أنه ليس مغايرًا له، فاعلمه.

قوله- في الكلام على قول الشيخ-: وإن أتلف ظبيًا ما خضًا ضمنه بقيمة شاة ماخض، وكذا أخذ عليه في قوله: بقيمة شاة، لأن الواجب عليه عنز، كما قال النووي، والشاة- كما ذكرنا- تطلق على الذكر والأنثى، وجواب هذا: أن الشيخ اتبع فيه الشافعي، والمراد: العنز. نعم، لو قال: بقيمة عنز، كان أوضح. انتهى كلامه.

وهذا السؤال الذي ذكره على هذا الوجه غلط، فإن الشاة وإن كانت تطلق على الذكر والأنثى، لكن الشيخ قد قيدها بكونها ماخضًا، فقال: بقيمة شاة ماخض، فاندفع احتمال إرادة الذكر وتعينت الأنثى. وهذا السؤال ذكره النووي في ((لغات التنبيه)) على وجه صحيح، فقال ما نصه: وقوله: بقيمة شاة، المراد: عنز، ولو قال بقيمة عنز، لكان أوضح. هذا لفظه من غير زيادة ولا نقصان، وهذا سؤال صحيح، فإن ((الشاة)) تطلق على الضأن والمعز، والواجب في الظبي إنما هو المعز، فلو قال: بقيمة عنز، فتعين الواجب، بخلاف الشاة، فتوهم ابن الرفعة أن السؤال جاء لكونها تطلق على الذكر والأنثى، فصرح به ذاهلًا عن ذكر ((الماخض)) بعد ذلك، فوقع في الغلط.

قوله: الثاني: قال الأزهري: قال الشافعي: الحمام: كل ما عب وهدر، وإن تفرقت أسماؤه إلى: اليمام، والدباسي، والقماري، والفواخت، وغيرها.

وقال الكسائي: الحمام: هو الذي لا يألف البيوت، وهو الوحشي، واليمام: هو الذي يألف البيوت.

وعن الأصمعي أنه قال: كل ذات طوق كالفواخت والقماري وأشباهها فهي حمام، وفي ((المهذب)): أنه ينظر في الطائر: فإن كان حمامًا- وهو الذي يعب ويهدر- كالذي تقتنيه الناس في البيوت والدبسي والقمري، فإنه يجب فيه شاة.

وهذا مغاير لجميع ما ذكرناه، فتأمله. انتهى كلامه.

وما ذكره من مغايرة كلام ((المهذب)) لجميع ما تقدم سهو، فإن الذي نقله عن ((المهذب)) هو عين ما نقله أولًا عن الأزهري نقلًا عن الشافعي، وذلك لأن في بعض نسخ ((المهذب)): والدبسي- بالواو- وهو الذي نقله عنه المصنف كما تقدم في عبارته، وعلى هذا فواضح، وفي بعضها: كالدبسي- بالكاف- وهو أيضًا عين المنقول عن الأزهري، غير أنه زاد فمثل بما يقتنى في البيوت بالدبسي والقمري، واقتناء ذلك فيها معلوم، وإن لم تكن تألف البيوت، فأين مخالفة هذا التفسير لما نقله الأزهري؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015