يتعين فيجزئه أن يعتكف يومًا ويصوم آخر؟ فيه وجهان مأخوذان من قول الشافعي في ((المختصر)): ((فإن نذر اعتكافًا بصوم فأفطر استأنف))، فمنهم من قال- وهو أبو علي الطبري-: أراد: استأنف الصوم، فأما الاعتكاف فلا، لأن الصوم ليس شرطًا عند الإطلاق فكذا عند النذر، كما لو قال لله: علي أن أعتكف مصليًا. ومنهم من قال: أراد أن يستأنفهما جميعًا ... إلى آخره.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ادعاه من عدم الخلاف في إيجاب صوم يوم في مسألة ما إذا قال: لله علي أن أعتكف يومًا صائمًا، ليس كذلك، بل فيه وجه: أنه لا يلزم لأجل هذا النذر صيام حتى لو اعتكف في رمضان أجزأه، صرح به الرافعي في كتاب النذر في الكلام على نذر إتيان المسجد الحرام، وقد ذكره المصنف هناك في قول الشيخ: وإن نذر أن يمشي إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)).
الأمر الثاني: أن ما أسنده إلى أبي علي الطبري من عدم وجوب الجمع وتفسير لفظ الشافعي، وقع لصاحب ((الشامل)) فقلده فيه الشاشي ثم الرافعي ثم المصنف، وليس كذلك، فإنه ذكر في ذلك احتمالين ولم يرجح شيئًا منهما، فقال ما نصه: قال الشافعي: ((إن نذر اعتكافًا بصوم فأفطر، استأنف))، وهذا يحتمل وجهين: أحدهما: أنه يستأنف الصوم والاعتكاف جميعًا، لأنه لم يأت به على حسب شرطه، والثاني: يأتي بالصيام دون الاعتكاف، لأن الصيام ينفرد عن الاعتكاف، وينفرد الاعتكاف عنه. هذا لفظه، ومن ((الإفصاح)) نقلته. وقول ابن الرفعة في أول المسألة: إن الرافعي صرح بنفي الخلاف، أراد به لزوم الاعتكاف في أيام الصوم، ولم يرد به عدم التفرقة بين أن يصوم لأجل الاعتكاف أو لغيره، فاعلمه، فإن كلام المصنف موهم، والمذكور في ((الرافعي)) هو ما ذكرته.
قوله: والأفضل أن يكون في الجامع.
ثم قال: أما إذا قلنا بصحته، أي: صحة اعتكاف المرأة في مسجد بيتها- فيجوز أن يقال: إنه في مسجد بيتها أفضل، لأنه أستر لها، ويجوز أن يقال: إنه في المسجد أفضل، للخروج من الخلاف. والتي يكره لها الاعتكاف في المسجد، وهي التي يكره لها حضور الجماعات- فالاعتكاف في المسجد الجامع في حقها أشد كراهة. انتهى كلامه.
ومقتضاه أنه لم يقف في هذه المسألة على نقل، وهو غريب، فقد نص الشافعي