أخذه من الرافعي إلا أنه غيره إلى ما يراه، فإن الرافعي قد عبر بقوله: وقيل: لا، لتقصيره، وقضية هذا التعليل: ألا يجري الخلاف فيما إذا أتلفه بالإنفاق وغيره من وجوه الحاجات. هذه عبارته، وهي حسنة.
الثالث: أن الخلاف في إتلاف بعض النصاب نقله الرافعي عن تخريج الإصطخري، ومثل بما إذا ملك مائتين، فعجل عنها خمسة، ثم أتلف درهمًا واحدًا، وقد صرح به- أيضًا- في ((البحر))، وعلل منع السقوط بقوله: لأنه متهم في إتلاف درهم لاسترجاع خمسة. وهذا التعليل يقتضي أنه لا يطرد في الكثير، لأنه علله بمتهم خاصة، لا مطلق التهمة.
قوله: أما إذا لم يبين أنها زكاة معجلة، ولا علم بها القابض- فالمنصوص في ((المختصر)): أنه إن كان الدافع هو المالك لم يرجع، وإن كان هو الإمام رجع. فاختلفوا على طرق، أصحها- وبه قال العراقيون وبعض المراوزة-: تقرير النصين، والثانية: أن فيهما قولين بالنقل والتخريج، والثالثة: لا رجوع فيهما قطعًا، وتأويل النص في الإمام.
ثم قال ما نصه: قال الرافعي: وهذا الطريق هو الذي أورده الجامعون لطريقة القفال، وصححها في ((الإبانة))، وذكر في ((الشامل)) أن الشيخ أبا حامد حكاها- أيضًا- والأظهر: أنه لا يثبت الرجوع، سواء أثبتنا الخلاف أم لا، وهو فيما إذا دفع المالك بنفسه أولى وأظهر. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما أفهمه كلامه من نسبه أواخر الكلام كله إلى الرافعي هو كذلك، إلا النقل عن ((إبانة)) الرافعي، فإن الرافعي لم يذكره.
الأمر الثاني: أن ما ذكره في آخره من تصحيح عدم الرجوع في المسألتين إذا لم نثبت فيهما الخلاف، بل قررنا النصين- عجيبٌ لا ينتظم. نعم، تستقيم هذه العبارة- أعني التعبير بقوله: سواء أثبتنا الخلاف أم لا- إذا كانت الطريقة القاطعة موافقة للصحيح، ولا شك أن الرافعي نقلها من مثل ذلك المواطن إلى هاهنا ذهولًا، فتبعه المصنف.
قوله: ويأتي فيما إذا كان ذهبًا أو فضة وجه: أنه لا ينضم، بناء على أن الدين لا زكاة فيه. انتهى.
وما ذكره من كون الدين لا تجب فيه الزكاة مطلقًا على وجهٍ، كلامٌ باطل سبق