عجيب، فإن الطريقة محلها في فطرة العبد خاصة دون فطرة نفسه، والتعليل بمشابهة أرش الجناية يوضحه- أيضًا- والنص قائل به في العبد وفي نفسه، والتعليل بأرش الجناية لا يأتي في الحر.
قوله- في المسألة: وفي ((الرافعي)): أن الروياني حكى طريقة قاطعة بتقديم فطرة نفسه، لقلتها في الغالب، والذي رأيته في ((البحر)) و ((الحاوي)): أن ابن سلمة قال: إن الفطرة تقدم على الدين قولًا واحدًا، لقلتها في الغالب وتعلقها بالرقبة، زاد الماوردي: فاستحقت كأرش الجناية. وهذا هو عين الطريق السابق، لكن الروياني حكى الطريقة الأولى، ثم حكى عن ابن سلمة ما ذكرناه، فظن أنه غيره. انتهى.
وما ذكره في آخر كلامه عن ((البحر)) يقتضي اتحاد ما قاله ابن سلمة مع الطريقة المتقدمة، لاسيما مع تأكيده بقوله: فظن أنه غيره، وليس الأمر كما توهمه، فإن صاحب ((البحر)) قد حكى عن أبي إسحاق أنها- أي فطرة العبد- تحتمل وجهين: أحدهما: أنها كفطرة نفسه حتى تتخرج على الأقوال الثلاثة في اجتماع الدين والزكاة، والثاني: القطع بتقديمها. ثم حكى عن ابن سلمة تقديمها قطعًا من غير تردد، وهذا غير الأول، لكن اعتراض المصنف على الرافعي صحيح، وقد أوضحته في ((المهمات)).
قوله: واعلم أن النووي- رحمه الله- قال: إن تعبير الأصحاب في التعجيل بقولهم: وأن يسلف بمسألة الفقراء ونحو ذلك، المراد به: جميع أصناف الزكاة، من باب التعبير بالبعض عن الكل، وخصوا به الفقراء، لأنهم أهم الأصناف. قلت: ويجوز أن يحمل كلامهم على حقيقته، لأن للإمام أن يصرف زكاة الواحد لواحد من الأصناف، وحينئذ فلا حاجة إلى صرف اللفظ عن حقيقته. انتهى كلامه.
وما نقله عن النووي قد ذكره- أيضًا- الرافعي، والكلام الذي ذكره المصنف وإن كان صحيحًا في نفسه إلا أن الحكم أنه ليس خاصًا بالفقراء، بل سائر الأصناف كذلك- أيضًا- فيكون ذكر الفقهاء من باب التمثيل، فلابد من صرف اللفظ عن حقيقته.
قوله: وإن عجل شاة، أي: جارة في الحول، عن مائة وعشرين، ثم نتجت شاةٌ سخلةً قبل الحول-ضم المخرج إلى ماله، ولزمه شاة أخرى.
ثم قال بعد ذلك: أما لو كانت المعجلة غير جارية في الحول، لكونه ابتاعها، فأخرجها، أو كانت معلوفة- فلا يلزمه شيء آخر، صرح به الرافعي والقاضي