بعد ذلك بأنه لم ير خلافًا فيما قبلها من أيام رمضان، فضلًا عن ليلة العيد.
قوله: أما إذا قلنا: وقت وجوب زكاة الفطر طلوع الفجر، فلا سبب لها إلا واحد.
ثم قال: وقضية ذلك ألا يجوز التعجيل، لأن ما له سبب واحد لا يجوز تعجيله عليه، وهذا لم أره لأحد من الأصحاب، غير أن البندنيجي والماوردي حكيا أن أبا عبيد بن حربويه من أصحابنا قال: لا يجوز تعجيل زكاة المال أصلًا، وذلك في زكاة الفطر أولى، لأنها فرعه. انتهى كلامه.
وما ذكره استنباطًا وادعى أنه لم ير لأحد ما يوافقه، عجيب، فإنه موجود مصرح به، كذا صرح به الروياني في ((البحر)) في باب تعجيل الزكاة، ولم يقف عليه النووي- أيضًا- حتى ادعى في ((شرح المهذب)) نفي الخلاف فيه.
قوله: فإن أخرجها في يوم الفطر بعد الصلاة أجزأ مع الكراهة، كما قال القاضي أبو الطيب، لما ذكرناه من خبر ابن عباس، وقال البندنيجي: إنه يكون تاركًا للأفضل. وهو ما يقتضيه كلام الشيخ. انتهى كلامه.
واعلم أن ترك الأفضل لا ينافي القول بالكراهة، وقد رأيت في ((الذخيرة)) للبندنيجي أن تأخيرها عن الصلاة مكروه، وحينئذ فلا خلاف بينه وبين القاضي، لأن تعبيره في كتاب آخر بكونه تاركًا للأفضل لا ينافيه كما قلناه، بل يستلزمه، فاعلمه! ورأيت الكراهة- أيضًا- مصرحًا بها في ((المقنع)) للمحاملي وفي ((المجموع)) له، ونقله صاحب ((الذخائر)) عن الشيخ أبي حامد. نعم، صرح الطبري في ((العدة)) وصاحب ((الاستقصاء)) بأنه لا كراهة فيه.
قوله: ولو مات بعد الوجوب والتمكن وقبل انقضاء يوم العيد، فالذي أطلقه الأصحاب الاستقرار. قلت: وهل يأثم؟ يظهر تخريجه على ما لو مات في أثناء وقت الصلاة وقد تمكن من فعلها، لأن الشرع جعل وقتها موسعًا كوقت الصلاة. انتهى كلامه.
وفيما ذكره بحثًا أمران:
أحدهما: أن المستحب- كما قاله الأصحاب، وصرح به المصنف قبل ذلك- إخراج زكاة الفطر في يوم العيد قبل الصلاة، وحينئذ فكيف يتعقل أننا نأمره بالتأخير عن الغروب إلى صبيحة العيد، ثم نحكم عليه إذا مات بعد الغروب، بسبب تأخيره الذي أمرناه، وحدوث أمر ليس في اختياره؟! بخلاف الصلاة، فإنه مأمور بإيقاعها في أول الوقت، فإذا أراد التأخير جوزناه بشرط سلامة العاقبة على