غلط، بل يقبل بلا خلاف، كما جزم به الأصحاب، والوجهان محلهما فيما دون هذا المقدار مما يمكن وقوعه بين الكيلين، وسبب غلط المصنف: أنه نقل هذه المسائل من كلام الرافعي، فأسقط بعضه: إما غلطًا منه، أو من الأصل المنقول منه، فإنه قال- أعنى الرافعي-: وإن ادعى بعد الكيل أنه غلط، وبين القدر: فإن كان يحتمل الغلط في مثله كخمسة أوسق في مائة قبل هذا إذا كان المدعى فوق ما يقع بين الكيلين، فإن كان يسيرًا بقدر ما يقع بينهما فهل يحط عنه؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا، لاحتمال أن النقص وقع في الكيل، ولو كيل ثانيًا وفي.
الثاني: يحط، لأن الكيل يقين والخرص تخمين، فالإحالة عليه أولى.
انتهى موضع الحاجة من كلامه، وإذا تأملته علمت أنه أسقط فيه جواب مسألة وصدر أخرى، وكان حقه أن يقول- مثلًا-: كخمسة أوسق في مائة، فإنه يقبل هذا إذا كان ... ثم يذكر ما ذكره الرافعي.
قوله: وهل الواجب في الأربعين- مثلًا- جزء من كل حيوان أو حيوان مبهم؟ فيه وجهان، ويتفرع عليهما ما إذا باع الجميع: فإن قلنا بالأول فيتخرج على تفريق الصفقة، وإن قلنا بالثاني فقال الصيدلاني: يبطل في الجميع قطعًا، لأن الواجب غير متعين. قلت: والوجه: أن يقال: إن كان النصاب مختلفًا، كما إذا اشتمل على كبار وصغار- فالحكم: كما قال، وإن كان غير مختلف، للتساوي في الأسنان وتقارب الصفات-: فيكون في صحة البيع فيما عدا قدر الزكاة وجهان، فإن الماوردي قد ذكر هذا التفصيل بعينه في نظيره، وهو ما إذا قال: بعتك هذه الشياه إلا شاة. انتهى ملخصًا.
وما ذكره المصنف من موافقة الصيدلاني على الجزم بالبطلان عند الاختلاف ليس كذلك، فقد ذكر هو في كتاب البيع: أنه لو اختلط عبيده بعيد لغيره، فقال: بعتك عبدي من هؤلاء، والمشتري يراهم ولا يعرف عبده- قال في ((التتمة)): له حكم بيع الغائب. وقال البغوي: عندي أنه باطل. انتهى، فثبت الخلاف من غير تفصيل بين الاختلاف والتساوي.
تنبيه: وقع في الباب ألفاظ:
منها: الفث، وهو بفاء مفتوحة، بعدها ثاء مثلثة مشددة، وقد فسره الرافعي.
ومنها: الثمام- بثاء مثلثة مضمومة، بعدها ميم مفتوحة-: نبت ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص، الواحدة: ثمامة، وبه سمى الرجل المعروف.