وحاصله: أن الغزالي في ((الوسيط)) قبل نقل عن القفال جواز إخراج ابن اللبون، وهو غلط، فإن الغزالي لم يذكر قبله شيئًا من الوجهين بالكلية، فضلًا عن الجواز، فإنه قال ما نصه: وإن كان في مال بنت مخاض كريمة فلا يطالب بها.
قال القفال: يلزمه شراء بنت مخاض، لأنها موجودة في ماله، وإنما تركت نظرًا له. وقال غيره: يؤخذ ابن اللبون. انتهى كلامه، ولا شك أنه يوهم أن الضمير في ((لا يطالب بها)) راجع إلى ((بنت المخاض))، وهو راجع إلى ((الكريمة)).
قوله: وإن اجتمع فرضان في نصاب كالمائتين من الإبل فيها أربع حقاقٍ أو خمس بنات لبون، لأنها أربع خمسينات وخمس أربعينات، فيجب إخراج الأغبط، فإن أخذ الساعي غيره أجزأ إن لم يكن بتقصير منه ولا من المالك، ولكن يجب التفاوت لا يجوز إخراجه من نقد البلد، وقيل: يجب أن يشتري به شقصًا إن أمكن.
ثم قال ما نصه: وإذا قلنا: يشتري الشقص، فهل يكون من جنس الأعلى أو الأدنى الذي أخرجه؟ فيه وجهان عند المراوزة، قال الإمام: والذي مال إليه الكافة هو الثاني. هذا لفظه. ثم حكى وجهًا ثالثًا: أنه مخير بينهما.
إذا علمت ذلك فالذي نقله عن الإمام من ترجيح الكافة للثاني- وهو الأدنى- غلط فاحش وذهول عجيب، فإن الإمام قد قال ما نصه: وقد اختلف أئمتنا، فقال بعضهم: ينبغي أن يكون ذلك الشقص من نوع المأخوذ حتى يتحد قبيله، ومنهم من قال: يتعين تحصيله من النوع المتروك، فإنه المأمور به، وظاهر ما ذكره الأصحاب في الوجهين: أنه يتعين نوع عند الكافة، والخلاف فيما يتعين، ولا يبعد عن القياس تخيير المالك بين الأمرين، وقد أشار إليه بعض المصنفين، وهو متجه، فتحصل إذن ثلاثة أوجه. هذا كلام الإمام، وحاصله: أن المنقول عن الكافة نفي التخيير وانحصار الشراء في أحد النوعين، وأما تعيين أحدهما فلم ينقله عنهم، والذي أوهم المصنف ذكر عقب الوجه القائل بالأدنى.
قوله: فرع: لو كانت إبله أربعمائة فقد اجتمع فيها ثمان حقاق وعشر بنات لبون، فإن أخذ أربع حقاق وخمس بنات لبون جاز، وقال الإصطخري: لا يجوز إلا من نوع واحد وهو الحقاق أو بنات اللبون، فإن قيل: قد ذكرتم أن الساعي لا يأخذ إلا الأغبط على المذهب، ويلزم من ذلك أن يكون كل من الصنفين أغبط إذا جوزتم الأخذ من النوعين معًا وذلك لا يمكن، قال ابن الصباغ: يجوز أن يكون لهم حظ ومصلحة من اجتماع النوعين، قال الرافعي: وهذا يفيد معرفة شيء آخر، وهو: أن الغبطة غير