قوله: قال- يعني الشيخ-: وما لم يقم ملكه عليه كالدين الذي على المكاتب ... إلى آخره.
ثم قال: والجديد الصحيح: الوجوب فيه، أي: في الدين في الجملة، لكنه ينظر: فإن كان الدين حالًا على مليء مقر، ظاهرًا وباطنًا، باذلًا له- وجبت فيه الزكاة، وطولب بإخراجها بعد حولان الحول- كما قال الإمام وغيره- وحكى ابن التلمساني في ((شرحه)) لهذا الكتاب: أن الغزالي حكى وجهًا آخر: أنه لا تجب، وأنه صححه. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن الغزالي غلط، فإنه لم يحك في شيء من كتبه في الصورة المذكورة خلافًا، لا في الوجوب ولا في الإخراج، بل جزم فيها بالوجوب، وأشعر كلامه بالجزم بالإخراج- أيضًا- وسبب الوهم: أن الغزالي حكى وجهين في وجوب الإخراج عن الدين المؤجل على القول بالوجوب فيه، وصحح عدم الإخراج، فحصل الوهم منه إلى هذه المسألة، وهذا الخلاف الذي لا أصل له قد حكاه أيضًا المصنف في باب قسم الصدقات، وسيأتي التنبيه عليه- إن شاء الله تعالى- في موضعه.
قوله: الرابعة: الدين الزكوي لمن تجب عليه الزكاة لا يمنع وجوب الزكاة على المديون في مثله على الجديد، والقديم: أنه يمنع، واختلفوا في تعليله فقيل: لأن ملكه واهٍ، لأن صاحب الدين يمكنه انتزاعه من يده متى شاء إذا امتنع هو من الأداء، وقيل: لأن الإيجاب عليه يؤدي إلى إيجاب زكاتين في مال واحد، لأنها تجب على صاحب الحق، فلو ألزمنا المديون الزكاة- أيضًا- لصار المال الواحد سببًا لزكاتين على شخصين، فلو كان الدين لذمي، أو مكاتب، أو كان مما لا تجب فيه الزكاة- فلا تجب الزكاة على الأول، وتجب على الثاني.
ثم قال ما نصه: وقد اقتضى المعنيان الوجوب فيما إذا كان الدين مؤجلًا، وقلنا: لا زكاة في المؤجل، فإن قلنا: تجب الزكاة فيه، فيمتنع الوجوب، نظرًا للعلة الأولى،