ثم إن المغاير التي زعمها مردودة، فإن المراد بالمباح في كلامهم غالبًا إنما هو الجائز، فقال: إن جميع ما رد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه يجوز لنا فعله، وليس تعيين بعضه للجواز بأولى من تعيين البعض، وكيف تصح إرادة المستحب والأربعة متفق عليها، والزائد مختلف في جوازه؟! والخروج من الخلاف مستحب بلا شك إذا لم يوقع في ترك سنة.

قوله في المسألة- أي: زيادة الخامسة-: وفي ((تعليق)) القاضي الحسين و ((التتمة)): أنه إن كان عالمًا بطلت صلاته، وإن كان جاهلًا لم تبطل. وإذا جمعت بين النقلين حصل لك ثلاثة أوجه، ثالثها: الفرق بين العالم والجاهل، والرافعي خص الوجهين بحالة العلم، وقطع بالصحة في حالة الجهل، وفيه نظر، لأنا قد قررنا أن عدد التكبيرات كعدد ركعات الصلاة، وتحرم بها- لم تصح صلاته، فكذا ينبغي أن يكون هنا كذلك. انتهى كلامه.

فيه أمران:

أحدهما: أن هذا النقل الذي نقله المصنف عن الرافعي في الجاهل سهو، وحينئذٍ فلا يرد السؤال لا في حال الجهل، بل لم يتعرض للجهل بالكلية، فإنه قال: فلو كبر خمسًا لم يخل إما أن يكون ساهيًا، أو عامدًا ... إلى آخره. وما ذكره- أيضًا- عن ((التتمة)) غلط، فإنه إنما ذكر الفرق بين الناسي والعامد، وكذا نقله النووي- أيضًا- في ((شرح المهذب)). نعم، النقل عن القاضي الحسين صحيح، وكأنه عبر به عن الناسي، ولهذا فهمه عنه تلميذه- وهو المتولي- وأيضًا حتى لا يلزمهم الاعتراض الذي ذكره المصنف، فإنه اعتراض صحيح.

الأمر الثاني: أن زيادة التكبير لا تزيد على زيادة الركن أو الركعة، وزيادتهما نسيانًا لا تضر بلا خلاف، وحينئذ فكيف يستقيم حصول ثلاثة أوجه عند الجمع بين كلام ناقل الوجهين- وهو الرافعي وغيره- وكلام القاضي والمتولي؟! بل إطلاق الوجهين محمول على التعمد لا على النسيان، لما ذكرناه، وحينئذٍ فيوافق كلام الرافعي، وأما الجهل فلا يتأتى فيه خلاف، فتلخص أنه ليس في المسألة إلا وجهان.

قوله: وقد أفهم عطف الشيخ القراءة على التكبيرات أن دعاء الاستفتاح والتعوذ غير مشروعين في هذه الصلاة، والأصح: استحبابه. انتهى.

وما ادعاه من الإفهام عجيب، فإن التعوذ لما كان من مستحبات القراءة كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015