عثمان رضي الله عنه اسم " الفتنة الكبرى " وهذا اسم على مُسمى، إذ انفرط عقد الخلافة الإسلامية وتفتتت وحدة الأمة، وتخاصم المسلمون وتناحروا وانقسمت الأمة الإسلامية حينذاك إلى ثلاث مجموعات متحاربة، وإلى جماعة غير منحازة. مجموعة كانت في صف علي تؤيده وتسانده وقامت لانتخابه خليفة رابعًا بعد استشهاد عثمان في المدينة المنورة. ومجموعة أخرى كانت مع عائشة الصديقة رضي الله عنها، وكان من حماتها الزبير وطلحة ومن في صفهم ممن وقفوا يطالبون بالقصاص لمقتل عثمان، وقادوا حركتهم أولاً في مكة وبعد ذلك في البصرة. والمجموعة الثالثة وهي المجموعة القوية، وضمت حماة معاوية ابن أبي سفيان والي الشام والأوفياء له، وقد قاموا يطالبون بالقصاص من مقتل عثمان، وأنكرت هذه المجموعة الاعتراف بخلافة علي. والمجموعة الرابعة ضمت من احتاط من الصحابة الكرام وكبار المسلمين ممن لم يرغبوا في أن يلوثوا أنفسهم بالحرب الداخلية بين المسلمين، ولهذا ظلت هذه المجموعة واقفة وحدها منفصلة عن الجميع.
حدث هذا في حين وصلت الأمور إلى درجة من الغموض والتعقيد يصعب معها التمييز بين الصواب والخطأ، وبين الحق والباطل، إذ كانت كل جماعة تعتبر نفسها على حق والآخرين على باطل، كان علي يرى أنه الأحق بالخلافة، ولهذا كان من الضروري أن يبايعه جميع المسلمين، ومن ناحية أخرى كان الحق مع مطالبة عائشة ومعاوية بالقصاص من قاتل عثمان. وعلى الخليفة الرابع أن يقتص منهم، فإن لم يفعل فهو متهم بحمايته لهم، هذا بينما كانت دعوى علىّ رضي الله عنه أنه لا حول له ولا قوة، وكان هذا إلى حد كبير صحيحًا في بداية خلافته، نتيجة لما كانت عليه الظروف من تعقيد في هذا العصر الذي سمي بحق عصر الفتنة الكبرى.
وربما حملت وجهة نظر المؤرخين القدامى بعض التعصب وربما كان في