في المدينة، بل كانت بينهم عداوة سابقة مع بني هاشم أيضًا، ولهذا فقد حُرِم عليّ من حقه المشروع، وفتح لقرن من الزمان الباب للظلم والقهر الأموي.
وهو يرى أن خلافة عثمان كانت دمارًا ووباءً على الإِسلام. وهذا التحليل الذى يعرضه المؤرخ المذكور إنما يخفي وراءه تعصبًا فكريًا وعقديًا، وإلا فالتاريخ الإسلامي يرشدنا إلى أن عهد خلافة عثمان رضي الله عنه كان عهد رقي وازدهار.
ثم يأتي من ناحية أخرى خورشيد أحمد فاروق فلا يترك شخصية من الشخصيات دون لوم أو تجريح، وذلك في معرض حديثه عن انتخاب الخليفة الثالث، فهو يتهم الصحابة الستة بأنهم متآمرون، وأنهم يحبون الدنيا ويحبون الرئاسة، وكان من وراء تآمرهم على الحكومة والرئاسة الحصول على فوائد مادية، فقد اتهم عبد الرحمن وسعدًا بالتحيز، واتهم عليًّا بالتآمر ضد الخليفة، كما اتهم أيضًا عليًّا بالتهرب من إعلان بيعته لعثمان وأنه أجبر فيما بعد على أن يبايعه (1)، كما اتهم عمار بن ياسر باتهامات كثيرة، منها مخالفته ومعارضته للخلافة العثمانية وأنه " أمات الإِسلام " وغير ذلك من تعبيرات مشينة. وقد قام فاروق بتوجيه اتهاماته بمهارة فائقة فقدمها كلها في رداء نقله عن الروايات، ومعظم رواياته روايات شيعية، وكذلك عن ابن أبي حديد، أو أنه قام بنفسه بتفسير معنى روايات لم ينقلها وعبر عنها هو كما يحلو له، واختار المؤرخ المذكور الأسلوب المتعصب المنحاز، فقام بنقل مثل هذه الروايات التي تتعلق بمشاجرات الصحابة الكرام، إلا أنه تعمد ألا يذكر جميع تلك الروايات التي تشهد على سمو عملهم ومسلكهم، وتشهد على إخلاصهم وإيمانهم، ويكفي أن نورد مثالاً واحدًا، وهو اتهامه لعلي بأنه لم يبايع عثمان رضي الله عنه، وبعد مدة، وبعد ضغط من الصحابة اضطر علىّ إلى مبايعة عثمان، بينما
_______
(1) انظر ترجمتنا لكتاب الثورة الإيرانية في ميزان الإسلام الصادر عن دار الصحوة بالقاهرة. المترجم.