البيزنطيين -وكان في مدينة حمص آنذاك- بإرسال جيش جرار لمواجهة المسلمين، وأصبح الوضع على جبهة الشام دقيقًا للغاية، فأمر أبو بكر خالد ابن الوليد بالتوجه إلى جبهة الشام على الفور، لأنه لم يكن لديه جيش بالمدينة المنورة من ناحية، ومن ناحية أخرى لم تتخذ الإمبراطورية الإيرانية أية إجراءات عسكرية بصورة منظمة حتى ذلك الوقت، ونتج عن ذلك فتح باب الحرب بصورة كاملة على مصراعيه على جبهة الشام، وقد قامت الحكومة الإيرانية بإعلان الحرب بصورة منظمة، ففتحت بذلك جبهة ثانية، وهكذا بدأت الفتوحات الإسلامية.
وهناك عدة أسباب تفسر ما مضت عليه الفتوحات الإسلامية من سرعة، وما كانت عليه من اتساع وفتوحات في وقت واحد. من بين هذه الأسباب، الحالة السياسية للإمبراطوريتين الإيرانية والبيزنطية المتدهورة، بالإضافة إلى سوء وفساد الوضع الاقتصادي والتمزق والتفتت الاجتماعي والديني، فقد بدأت عظمة هاتين الإمبراطوريتين في الزوال، وهي العظمة التي كانتا عليها في زمان قسطنطين وخسرو برويز، ونتيجة لما أصابهما من انحطاط وتدهور أصبحتا عاجزتين عن مواجهة الإمبراطوريات القوية، ولكن على الرغم من كل هذا فقد كانتا أقوى إمبراطوريات العالم حينذاك، وكانتا أفضل من العرب من ناحية المهارة الحربية والعسكرية وكثرة الجند والسهولة والانسياب في ميدان الحرب، وكذلك من ناحية إعداد وتجهيز الجند بالأسلحة والعدة والعتاد، وكذلك في جميع الإدارات والأقسام الأخرى المتعلقة بالجيوش، ومع هذا فيرى بعض المؤرخين أن التكتيك الحربي للعرب تفوق على ما لدى الروم والإيرانيين، فقد استخدم العرب الأسلوب الحربي المؤثر في ميدان غرب آسيا وشمال أفريقيا، وكانت لهم براعة ومهارة في ركوب الخيل والجمال، وهو ما لم يتوفر أبدًا لدى الروم.
ومن الممكن أن يكون " التكتيك " العسكري للعرب قد تفوق في جهة