قال ابن الجزري:
وبعد ما تحسن أن تجوّدا ... لا بدّ أن تعرف وقفا وابتدأ
فاللّفظ إن تمّ ولا تعلّقا ... تام وكاف إن بمعنى علّقا
قف وابتدئ وإن بلفظ فحسن ... فقف ولا ابتدأ سوى الآي يسن
وغير ما تمّ قبيح وله ... يوقف مضطرّا ويبدا قبله
وليس في القرآن من وقف يجب ... ولا حرام غير ما له سبب
وفيهما رعاية الرّسم اشترط ... .....
المعنى: بعد أن قدّم «ابن الجزري» رحمه الله تعالى بعض القضايا الهامة الخاصة بأحكام التجويد، شرع يتحدث في هذه الأبيات عن أقسام الوقف لما له من أهميّة خاصة بقراءة القرآن الكريم. إذ بالوقف تتبيّن معاني الآيات، ويؤمن الاحتراز عن الوقوع في المشكلات.
والوقف والابتداء باب عظيم القدر اهتمّ به الصحابة والتابعون ومن بعدهم، فكانوا يتناقلون مسائله مشافهة، ويتعلمونه كما يتعلمون أحكام تجويد القرآن الكريم، لأنه لا يتأتى معرفة معاني القرآن معرفة تامّة وصحيحة إلا بمعرفة أنواع الوقوف: فالوقف حلية التلاوة، وتحلية الدّراية، وزينة القارئ، وبلاغة القارئ، وفهم المستمع، وفخر العالم.
وممّا يدلّ على أهميّة الوقف والابتداء ما صحّ
عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه عند ما سمع رجلا يخطب ويقول:
«من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما» ثم وقف.
فقال له الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم معلّما ومرشدا: «بئس خطيب القوم أنت، قل: