قلت: ولِمَ وقد قلتما إن من أرفق شيئاً من عينه ليُنشئ عليه عملاً أن ذلك له للأبد ولا رجوع له فيه؟ قالا: إلا ان يشاء الغرس على ما يؤذن فيه من الماء يؤول إذا قطع عنه الماء إلى فساده وإبطال نفقته، وإنشاء بيت الرحى لا يؤول إلى فساد بقطع الماء وإنما تنقطع عنه منفعة كانت مزايلةً للبيت، وقال أصبغ: إذاً له الرجوع في جميع هذا ما لم يكن هبةً تُسمى، وهو قول ابن القاسم، قال ابن حبيب: والأول أحب إلي.
قال أصبغ في عين لرجل في جنانه في سفح جبل لرجل تحته دار قد بناها وأسأل ساقيتها حتى أدخلها داره أو جنانه فكان يشرب منها ويسقي زماناً ثم أراد صاحب العين أن يحولها ويقطعها عنه من غير حاجة إليها. قال ذلك له: وإن غرس عليها هذا منتفعاً بها ما لم يأذن له بذلك صاحب العين إذناً يبينه وليس عمله ونظره إليه بالذي يمنعه من القيام على حقه إذا أراد تحويله وإذا أذن له فأنشأ المأذون عليه غرساً فلا رجوع له فيما أذن فيه، قال ابن حبيب وقاله ابن القاسم وابن نافع، قال أصبغ: بعد أن يحلف صاحب الماء أنه أعلم ما كان تركه على الرضى بالإذن له والتخلية وإن لم يعلم فلا يمين عليه وله صرف مائه إلا أن يكون في ذلك الوقت في الشجر ثمرة يخاف عليها لصرف الماء عنها فيُترك الماء إلى جذاذها/ وإن كان (?) زرعاً فإلى حصاده.
قال مطرف وابن الماجشون في عين في قرية قوم تجري بنهر ومخرجها في أول أرضهم فينشئون عليها أرحية ويسيل الماء إلى من تحتهم من أهل القرى فيغرسون عليه الشجر وينشئون عليه الأرحاء فيكونون على ذلك زماناً طويلاً ثم يقل الماء عن الأسفلين حتى يجف شجرهم ويتساح فيه الأعلون قال: فليسق (?) به الأعلون على ما يملكون من أصل الماء وأما الأسفلون الذين إنما يأتيهم فضل الماء فإنما يسقي الأعلى فالأعلى حتى ينتهي الماء حيث انتهى. قال: وسألتُ عن ذلك أصبغ فقال لي مثله.