وقال علي بن جعفر فيمن ودى عن رجل عن أحماله غرما للسلطان عن شطر الطريق، أو برطيل ونحوه، فقال ابن القاسم: لا يجب عليه من ذلك شيء ولو تسلف ذلك الغرم سلفا على هذا الوجه، ولو باعه ثوبا وداه في هذا المغرم لم يلزمه من ذلك شيء إلا أن يدفع المؤدى عنه الظلم إلى الدافع ما دفع عنه متطوعا وهو يعلم أن ذلك لا يلزمه.
والذي قال سحنون في الرفقة يخافون اللصوص فيعطوا المال: إنه يلزم من غاب ممن له في الرفقة متاع فقال: إن كان شيء قد عرف أنه لا يخلصهم إلا ذلك فهو يلزم من غاب ومن حضر، فكذلك يلزم على هذا أن كل ما يؤدى في المراصد وفي المدن مما أقامه السلاطين مما قد عرف واستفاض مما لا يخلصهم إلا غرمه، فإنه يلزم أرباب الأموال ممن أبضع بضاعة أو أعطى قراضا، لأنهم كأنهم على هذا خرجوا وكالإذن لهم لأنه أمر قد عرف، وأما ما حدث مما لم يخرج على معرفته من لصوص أخذوا المتاع، أو سلطان جائر ففداه منه العامل أو المبضع معه فقد أختلف فيه فقال ابن المواز في كتاب الجهاد: من فدى مال رجل من اللصوص، أو فدى دابته ممن التقطها أو متاعا فأنفق عليه في حمولة فليس لربه ولا لغرمائه إليه سبيل حتى يستوفي/من ذلك حقه، [وقال في كتاب الإقرار: من فدى متاعا من اللصوص فليس على ربه شيء مما فداه به ويأخذه ربه بغير شيء] وقال في أول كتاب الإقرار: في أحد الشريكين في الدار يقر بمنزل منها لرجل: أنا لدار تقسم فإن وقع المنزل في حظ المقر أسلمه إلى المقر له.
قال: قلت: جعلته له مسلما وهو فداه ببعض الدار؟ قال: غرم ما غرم بسببه كمن خلص مال رجل من أيدي أهل الحرب، أو فداه من أيدي اللصوص، قال: لا يلزمه ما فداه من أيدي اللصوص ويلزمه ما فدى من العدو لشبهة ملكهم بخلاف ما فداه من أيدي العدو لأن لهم فيه شبهة ملك.
[10/ 312]