وقال بعض من خالفنا: هذا استحسان، والقياس أن يفرق بينهما ولكنا نستحسن أن لا يفرق بينهما.

وقال بعض البغدايين من أصحابنا: وجدنا الطلاق لا يلزم إلا بلفظ ونية والمكره لا نية له وإنما طلق بلسانه لا بقلبه فلما رفع الله عنه الكفر الذي تكلم به مكرها ولم يعتقده وجب رفع الطلاق لرفع النية فيه، قال: والطلاق إن كان من حقوق الله فلا يلزم حتى تقارنه النية كما لم يلزم الكفر الذي لم تقارته نية، وإن كان من حقوق الناس فقد أجمعنا معهم على إبطال بيع المكره فكذلك الطلاق ولا مخرج من هذا. وقد ذكر ابن سحنون نحوه في مناقضته إياهم بالبيع.

وقال ابن سحنون: وقد أجمعوا في المكره على الكفر أن الزوجة لا تبين بكفره، ولكن قال أبو حنيفة: القياس يوجب أن يلزمه الفراق ولكنا نستحسن ألا تبين منه، ثم نقضوا هذا فقالوا في نصراني أسلم مكرها: إنه يكون مسلما ثم إن راجع النصرانية جبر على الإسلام بالسجن ونحوه ولا يقبل وهذا تناقض فإن كان مسلما فاقتلوه بردته وإلا فأبطلوا إسلامه بالإكراه كما أبطلتم كفر المسلم بالإكراه وفي إجماع العلماء في رفع القتل عنه دليل على أن إسلامه ليس بإسلام، وقيل لهم: ما الفرق بين ما أبطلتم من البيع بالإكراه وما ألزمتم من الطلاق والعتق والنكاح على الإكراه؟ قالوا: لأن البيع يكون فيه الخيار ولو اختاره المكره بعد أن أمن لزم المبتاع فيقال لهم: فقد أجمع العلماء على إبطال كفر الكره ولا يجوز فيه الخيار، فلو ارتد مسلم على أن ينظر في الكفر فإن أعجبه وإلا رجع إلى الإسلام لكان مرتدا عن الجميع، ولو قال الكافر: أسلم على أن أكون بالخيار في الرجوع إلى الكفر لم يكن له ذلك وكان مسلما، فإن رجع عن ذلك قتل، وأجمعنا أنه لو أكره على أن يقر لفلان بمال ففعل: أن ذلك باطل، ولا خلاف أنه لو أقر له طائعا

[10/ 256]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015