قال محمد بن عبد الحكم: وإذا شهدت بينة لرجل أن فلانا أبرأه من جميع الدعوى، وأنها آخر كل حق له، وطلب من جميع المعاملات/، ثم أراد أن يستحلفه بعد ذلك، وادعى أنه قد غلط أو نسي، فليس ذلك له، وكذلك إن شهد عليه بذكر حق مسمى، وفي الكتاب: أنه لم يبق له عليه ولا قبله حق ولا عنده، أو شهدوا أنه لم يبق بينه وبينه معاملة غير ما في هذا الكتاب، فليس له بعد ذلك أن يستحلفه على غير ذلك- يريد مما قبل تاريخ الكتاب- وكذلك لو قال الذي أقر بالحق على ذلك، وكذلك إن أشهد له أنه قبض منه ثمن سلعة باعها منه، ثم ادعى عليه أنه بقي له بقية من الثمن، وأنه وثق به، وأشهد له بالقبض، ثم أراد أن يحلفه، فليس له ذلك، ولو كان له ذلك ما نفعت المرأة ولا انقطعت المعاملة.
فيمن حلف خصمه ثم أقام عليه بينة أو لم يحلف مع شاهده وحلف خصمه ثم وجد عليه شاهدين أو شاهدا آخر
من كتاب ابن سحنون: روى ابن وهب أن عمر بن الخطاب، اختصم إليه يهودي يدعي على مسلم، فدعاه بالبينة، فقال: ما يحضرني اليوم بينة، فأحلف له المطلوب، ثم جاءه المدعي بعد ذلك بالبينة، فقضى له بها. وقال: البينة العادلة أحب إلي من اليمين الفاجرة.
وقاله شريح، ومكحول، والليث.
وقال مالك: إذا أحلفه، ثم وجد بعد ذلك بينة، قضي له بها إن لم يكن علم بها، فإن كان به عالما، فحلفه تاركا لها، فلا حق له وإن كانت حاضرة أو غائبة/ [8/ 169]