ومن كتاب ابن المواز: قيل لمالك: فإذا كان الغلاء الشديد، وعند الناس طعام مخزون أيباع عليهم؟ قال: ما سمعت، وإن من يشتريه على هذا يمنع، ولا يعرض للجالب، فمن عنده طعام من جلبه أو زرعه، أو ثمر من جنانه، فليبع متى شاء، ويتربص إذا شاء بالمدينة وغيرها.
قال مالك: وإذا كان بالبلد طعام مخزون، واحتيج إليه للغلاء، فلا بأس أن يأمر الإمام بإخراجه إلى السوق فيباع. قال مالك: وإذا احتاج أهل الريف إلى شراء الطعام من مصر، لم يمنعوا من الشراء لطعامهم من الفسطاط إن كان بها كثيرًا، وإن كان يضر ذلك بأهل الفسطاط لقلته، فليمنعوا، وإذا كان بها كثيرًا، وعند أهل الريف ما يغنيهم، فليمنعوا. وسئل مالك عن التربص بالطعام وغيره رجاء الغلاء. قال: ما علمت فيه بنهب، ولا أعلم به بأسًا، يحبس إن شاء، ويبيعه إذا شاء، أو يخرجه إلى بلد آخر.
قيل لمالك فيمن يبتاع الطعام، فيحب غلاءه، قال: ما من أحد يبتاع طعامًا أو غيره إلا ويحب غلاءه، ولكن لا أدري ما يغلو، ولا أحب ذلك.
ومن الواضحة، قال: وينبغي للإمام أن يديم دخول السوق والتردد إليه، ويمنع من يكثر الشراء منه، ولا يدع من يشتري إلا القوت، ويخرج منه من يشتري فضول الطعام، ويقر فيه الجلاب ويمنع الجلابين بيه الطعام في غير سوقه. وإن أراد غير الجلاب بيع الطعام في دورهم بسعر سوق الطعام، فليمنعه، وينبغي في الطعام أن يخرج به إلى البزاز، كما جاء في الحديث.
[6/ 454]