على أيديهم، وأما مثل الزيت، والسمن، والعسل، واللحم، والبقل، والفواكه، وشبهه، ذلك مما يشتريه أهل السوق للبيع على أيديهم، ما عدا البز والقطن وشبهه، فينبغي للعدل إن أراد أن يسعر شيئًا من ذلك أن يجمع وجوه أهل السوق ذلك الشيء، ويحضر غيرهم استظهارًا على صدقهم، فيسألهم كيف يشترون وكيف يبيعون؟ فإن رأى شططًا نازلهم إلى ما فيه لهم وللعامة سدادًا حتى يرضوا به، ثم يتعاهدهم، فمن حط من ذلك قيل له: إما بعت بسعر الناس، وإما دفعت، ويؤدب المعتاد، ويخرجه من السوق، ومن باع أرخص من ذلك، لم يمنعه إن فعله واحد أو اثنان، فأما إن كثروا، فليحمل من بقي على ذلك، أو يخرجوا. قال: ولا يجبرون على التسعير، ولكن على ما ذكرنا. وعلى هذا أجازه من أجازه، ولا يكون التسعير إلا عن رضًا، ومن أكره الناس عليه فقد أخطأ، ويكشف الإمام كل حين عن شرائهم من التجار، فإن حط السعر عن الأول عاودهم في التسعير، وراوضهم إلى ما فيه سدد، ولا يسعر على جلاب شيء ما لم يزد بأرفع من السعر الذي رضي به أهل الحوانيت، فليس لهم الزيادة عليه، فإما باعوا به، وإلا رفعوا. وأما جلاب القمح والشعير وشبهه من الأقوات، فلا تسعير فيه، لا بتراض ولا غيره، ولهم بيعه على أيديهم في السوق. والبزاز كيف شاءوا، فإن رخص بعضهم في السعر، تركوا إن قلوا، وإن كثر المرخصون، قيل لمن بقي: إما أن تبيع مثل أولئك، وإلا فارفعوا، إلا من أغلى لجودة بينة، ولا يفعل مثل هذا بمن أغلى في العروض وما لا يكال ولا يوزن، وإن اتفق في الجنس والصفة، ويفعل ذلك فيما يكال ويوزن، كان يؤكل ويشرب، أو لا يؤكل ولا يشرب.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: ولا ينبغي للإمام أن يكره أحدًا على أن يأخذ من النقد ما لا يريد، ولا ينبغي أن ينادي أن تجوز الدراهم كلها،
[6/ 451]