إنه ليس لأحدٍ أَنْ يُحْدِثَ قولاً أو تَأْويلاً لم يَسْبِقْهُ به سَلَفٌ , وإنه إذا ثَبَت عن صاحبٍ قَوْلٌ لا يُحْفَظُ عن غيرِه من الصحابةِ خِلاَفٌ له ولا وِفَاقٌ , أنَّه لا يسَع خِلافُه. وقال ذلك معَنا الشافعيُّ , وأهلُ العراقِ , فكلُّ قولٍ نَقُولُه , وتأويلٍ مِنْ مُجْمَلٍ نَتَأَوَّلُه , فعَن سَلَفٍ سَابقٍ قُلْنَا , أو مِن أَصْلٍ من الأصول المذكورةِ اسْتَنْبَطْنَا.
عَصَمَنَا اللهُ وإيَّاكم من الهَوَى , والعُدولِ عن الطريقةِ المُثْلَى , وصلَّى اللهُ على محمدٍ نبيِّه , وعلَى آلِه وسلَّم.
أمَّا بعد , يسَّرنا اللهُ وإيَّاكم لرعايةِ حُقُوقِه, وهدانا إلى توفيقِه, فقد انْتَهَى إليَّ ما رغبتَ فيه , مِنْ جَمْعِ النَّوادرِ والزِّيادات علَى ما في (المُدَوَّنة) مِن غيرِها من الأُمَّهات , مِن مَسائلِ مالكٍ وأصحابِه , وذكرْتَ ما كَثُرَ عليك مِن دَواوِينِهم , مَع رَغْبَتِك في نوادرِها وفوائدِها , وشَرْحِ مُشْكِلٍ في بعضها, واخْتلافٍ من الأقاويلِ يشتملُ عليه كثيرٌ منها، وهي مع ذلك فأكثرُها بعضُها مِنْ بعضٍ يتَكَرَّر في بَسْطِها، ويُبْسَط على كَثْرَةِ التَّبْيِين فيها، ولَعَمْرِي إنَّ العنايةَ بقليلِ ذلك كُلِّه وكثيرِه محمودةٌ، والخيرَ في ذلك كلِّه مَأْمولٌ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وكُلٍّ ينْتَهِي إلى ما يُسِّرَ إليه، وأُعِين عليه، وذلك مِن اللهِ سبحانَه حكمةٌ يَنْفَعُ بها، ورحمةٌ وَسَّع فيها، وعنايةٌ يَأْجُرُ عليها، ودرجةٌ إن شاء اللهُ يَرْفَعُ بها مَنْ صَحَّتْ مَقَاصِدُه فيها، بارَك الله لنا ولك فيما يَسَّرنا إليه
والعلمُ لا يأْتِي إلاَّ بالعنايةِ والمُباحثةِ والمُلازمةِ، مع هدايةِ اللهِ وتَوْفِيقِه، قال أبو الدَّرْدَاء: العلمُ بالتَّعَلُّمِ، والحِلْمُ بالتَّحَلُّم. وقال ابنُ المُسَيَّب: إنْ كنتُ